بيسان

جرحى ومرضى تحت الخطر.. حظر مولدات الكهرباء يهدّد ما تبقى من مستشفيات غزة بالانهيار

المصدر
جرحى ومرضى تحت الخطر.. حظر مولدات الكهرباء يهدّد ما تبقى من مستشفيات غزة بالانهيار
أحلام حماد

أحلام حماد

صحافية فلسطينية

من بين قائمة طويلة من السلع المحظورة، تمنع دولة الاحتلال الإسرائيلي إدخال مولدات الكهرباء والزيوت وقطع الغيار إلى قطاع غزة، ويمثل ذلك خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار مع فصائل المقاومة الفلسطينية، والذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتُمعن دولة الاحتلال في هذا الخرق بشكل ممنهج للإبقاء على حالة الانهيار التي تعصف بما تبقى من مستشفيات ومراكز رعاية أولية في القطاع المدمّر، والتي تعرضت أغلبيتها للتدمير الكلي أو الجزئي، وخرجت عن الخدمة، على مدار عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية.

يقول المدير العام لدائرة الهندسة والصيانة في وزارة الصحة في قطاع غزة، المهندس علاء أبو عودة لـ"الترا فلسطين"، إن الوضع لا يزال كارثيًا في المستشفيات القليلة المتبقية في القطاع، ولم يطرأ أي تغيير أو تحسن على واقعها حتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار

ومع اندلاع الحرب كان قطع الكهرباء عن زهاء مليونين و200 ألف فلسطيني في القطاع الساحلي الصغير أول قرارات العقاب الجماعي التي اتخذتها دولة الاحتلال، وألقى بظلاله على عمل المستشفيات، التي اعتمدت منذ ذلك الحين على مولدات قديمة ومتهالكة لضمان استمرارية عمل الأقسام الحيوية.

واقع كارثي

ويقول المدير العام لدائرة الهندسة والصيانة في وزارة الصحة في قطاع غزة، المهندس علاء أبو عودة لـ"الترا فلسطين"، إن الوضع لا يزال كارثيًا في المستشفيات القليلة المتبقية في القطاع، ولم يطرأ أي تغيير أو تحسن على واقعها حتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.

ووفقًا له، فإن الاحتلال سمح فقط بإدخال كميات قليلة من مولدات صغيرة بقوة 30 KVA، ولا تناسب عمل القطاع الصحي الذي يحتاج إلى مولدات تبدأ من 50 KVA لمراكز الرعاية الصحية، وحتى 1250 KVA للمستشفيات والأقسام الحيوية، فيما لا يزال يفرض قيودًا مشددة على قطع الغيار اللازمة لإجراء عمليات الصيانة الضرورية للمولدات القديمة والمتهالكة التي تعتمد عليها المستشفيات والمراكز الصحية بشكل أساسي لاستمرار عملها.

وسمحت سلطات الاحتلال للقطاع التجاري الخاص بإدخال كميات قليلة أيضًا من الزيوت اللازمة للمولدات والسيارات، لا تلبي الاحتياجات الهائلة للقطاعات الحيوية المختلفة بعد أكثر من عامين على الحرب والحصار المشدد، بحسب المهندس أبو عودة.

وتتهدد هذه الأزمة المستشفيات والمراكز الصحية التي تعمل في ظروف معقدة وتكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، والاستمرار في تقديم خدماتها للمرضى والجرحى. ويقول أبو عودة إن المولدات الكهربائية في المستشفيات الحكومية تعمل بلا توقف منذ اندلاع الحرب، وفي ظروف تشغيلية صعبة للغاية وأحمال مضاعفة، وغياب قطع الغيار والزيوت والفلاتر، الأمر الذي يجعلها عرضة للانهيار والتوقف عن العمل في كل لحظة.

ويشار في هذا الصدد إلى أن دولة الاحتلال تمنع منذ العام 2020 إدخال قطع الغيار والزيوت ومستلزمات عمل المولدات، وزادت من قيودها إثر اندلاع الحرب على القطاع في أكتوبر 2023.

وللتغلب على الأزمة، يوضح أبو عودة: "عملنا خلال شهور الحرب على البدائل المتاحة المتوفرة في السوق المحلي على قلتها، ولكننا وصلنا إلى مرحلة الخطر الشديد بسبب نفاد هذه البدائل، ولم يعد لدينا أي خيارات يمكن اللجوء إليها لإجراء أعمال الصيانة الدورية أو الوقائية للمولدات".

وللدلالة على عمق الكارثة يشير أبو عودة إلى أن المولدات استُنزفت جراء العمل المتواصل، وحتى لو أدخل الاحتلال قطع الغيار وباقي مستلزمات الصيانة فإنها لن تعالج الأزمة، لافتًا إلى ضرورة الضغط على الاحتلال لإعادة الكهرباء للقطاع، والسماح بإدخال مولدات جديدة بأحجام مناسبة لعمل المستشفيات والمراكز الصحية.

جرحى ومرضى تحت الخطر.. حظر مولدات الكهرباء يهدّد ما تبقى من مستشفيات غزة بالانهيار
المهندس علاء أبو عودة

مرضى في خطر

ويقول المدير العام لدائرة الهندسة والصيانة في وزارة الصحة إنه من دون استمرارية الكهرباء، ومع احتمالات انهيار مولدات المستشفيات، لن يكون هناك نظام صحي في القطاع، وهذا يعني فقدان أعداد هائلة من المرضى والجرحى حياتهم، ويصف ذلك المهندس أبو عودة بأنه "حكم بالإعدام".

ويشير في هذا الصدد إلى أن الاحتلال أوصل المنظومة الصحية في القطاع إلى هذا الواقع الكارثي بخطة ممنهجة عبر الاستهداف المباشر للمستشفيات بالقصف، وباجتياحها، وتدميرها، وقد أُخرج جراء ذلك أغلبية المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، ولم يتبقَّ في جنوب القطاع وشماله سوى عدد محدود منها يعمل في ظل ظروف معقدة ومأساوية.

وإمعانًا في هذا الاستهداف الممنهج تعمد الاحتلال تدمير المخازن الرئيسية لوزارة الصحة عن الخدمة منذ اليوم الأول للحرب، وأكبرها المخازن الرئيسية بمنطقة المغراقة جنوب مدينة غزة، التي ابتلعها ما كان يُعرف خلال الحرب بمحور نتساريم، وكانت تحتوي على مخزون الوزارة من الزيوت وقطع الغيار، يؤكد أبو عودة.

كما تزيد أزمة الوقود من الواقع سوءًا، ويوضح أبو عودة أن وزارة الصحة لا يتوفر لديها أي احتياطي من الوقود، ويتم توريد كميات محدودة من الوقود للمستشفيات بإشراف لجان فنية من هيئات دولية مراقِبة، ترصد استهلاك الوقود يوميًا، ولا يتم التوريد إلا عندما يكون المستشفى على شفا الانهيار، ليبقى في حالة احتياج دائمة.

جرحى ومرضى تحت الخطر.. حظر مولدات الكهرباء يهدّد ما تبقى من مستشفيات غزة بالانهيار

حصار المستشفيات

وبدوره، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، لـ"الترا فلسطين" إن المستشفيات والمراكز الطبية في كل القطاع تعاني أزمة غير مسبوقة تتعلق بانقطاع الكهرباء، ما يهدد حياة آلاف المرضى والمصابين بشكل مباشر.

ويؤكد أن الاحتلال يتعمد إبقاء حالة انهيار المنظومة الصحية عبر منع إدخال المولدات الكهربائية الضرورية لتشغيل الأجهزة الطبية، كما يعيق إدخال الكمية الكاملة من الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات بشكل مستمر، ما يزيد من معاناة المرضى ويعرض حياتهم للخطر.

إن استمرار هذا الوضع يؤدي إلى تعطيل ما تبقى من أجهزة طبية حيوية، ويزيد من المخاطر على حياة المرضى في أقسام العناية المركزة، خاصة الأطفال والمرضى المزمنين والحوامل، بحسب تأكيد المسؤول الحكومي.

ويشير الثوابتة إلى أن الاحتلال يمنع تدفق الوقود بشكل طبيعي، وكذلك لم يلتزم بما وقّع عليه في اتفاق وقف إطلاق النار، ولم يُدخل الكمية المفترضة، وما دخل حتى الآن منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ هو 157 شاحنة سولار فقط من أصل 900 شاحنة سولار، أي بنسبة 17% فقط.

وحتى الوقود الذي يتوفر رغم صعوبة ذلك لا يكفي لتغطية الحاجة اليومية للمستشفيات، ويشدد الثوابتة على أن "هناك خطرًا حقيقيًا على استمرار الخدمات الطبية الأساسية".

ويقول إن استمرار منع إدخال المولدات والوقود يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، ويعد جزءًا من سياسة الاحتلال المتعمدة لإفقار المدنيين وتجويعهم وعرقلة الخدمات الإنسانية الأساسية، ما يستدعي ضرورة تدخل المجتمع الدولي والجهات الإنسانية لضمان وصول المساعدات الحيوية، بما في ذلك الوقود والمولدات الكهربائية، بشكل عاجل ومباشر إلى المستشفيات والمراكز الصحية.

وطالب المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي ومجلس الأمن وكل الدول الوسطاء والجهات الضامنة للاتفاق بالضغط على الاحتلال لإلزامه بالقوانين الإنسانية الدولية، ورفع الحصار المفروض على المرافق الصحية، والسماح بتوفير كافة احتياجات المستشفيات لضمان استمرار تقديم الرعاية الصحية العاجلة والضرورية لجميع السكان المدنيين في قطاع غزة.