بيسان

بيت أُمّر تحت العقاب الجماعي: حصار واقتحامات واعتقالات جماعية منذ خمسة أيام

المصدر تقارير
بيت أُمّر تحت العقاب الجماعي: حصار واقتحامات واعتقالات جماعية منذ خمسة أيام
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

تعيش بلدة بيت أُمّر شمال الخليل، وضعًا إنسانيًا وأمنيًا معقدًا منذ خمسة أيام، مع تشديد غير مسبوق من قبل قوات الاحتلال التي فرضت حصارًا خانقًا، وأغلقت مداخل البلدة، ونفّذت حملات اعتقال ومداهمة واسعة، طالت مئات المواطنين، بينهم أسرى محررون ونساء وطلبة جامعات.

تفرض قوات الاحتلال حصارها على بيت أُمّر منذ خمسة أيام، تُعطّل خلاله مجمل تفاصيل الحياة اليومية للسكان

وتحوّلت أجزاء من البلدة خلال الأيام الماضية، إلى مناطق عسكرية مغلقة، وسط إجراءات عقابية تطال السكان في أعقاب عملية "غوش عتصيون" التي نفّذها شابان أحدهما من بيت أمر والثاني من مدينة الخليل.

واستشهد الشابان وليد محمد خليل صبارنة (18 عامًا) عمران إبراهيم الأطرش (18 عامًا) من الخليل، يوم الثلاثاء، عند مفترق عتصيون شمالي بيت أُمّر، بعد اتهامهما بتنفيذ عملية دهس وطعن أودت بمقتل مستوطن وإصابة ثلاثة آخرين.

بيت أُمّر.. حصارٌ خانق واقتحامات لا تتوقف

وتفرض قوات الاحتلال حصارها على بيت أُمّر منذ خمسة أيام، تُعطّل خلاله مجمل تفاصيل الحياة اليومية للسكان.

وتقول الصحفية أشواق عوض من البلدة لـ"الترا فلسطين"، إن قوات الاحتلال "لم تغادر بيت أُمّر قبل العملية ولا بعدها"، مشيرةً إلى أن البلدة تشهد منذ أسابيع اقتحامات يومية، لكن "الاقتحام الذي تلا العملية كان الأوسع"، إذ فرض حالة منع تجوال شامل، وأُغلقت المحال التجارية بالكامل.

وتوضح عوض أن في اليوم الثاني بعد العملية شن الاحتلال "حملة اعتقالات غير مسبوقة"، إذ اعتقل أكثر من 200 مواطن بعد مداهمة وتفتيش وتحطيم منازل عديدة، وجرى نقلهم إلى ملعب البلدية حيث جرى استجوابهم وسط تهديد وتنكيل، مؤكدة أن "غالبية المعتقلين من الأسرى المحررين وبينهم كبار سن".

وتضيف عوض، أن بعض المواطنين تعرضوا للضرب المبرح، وأصيب أحدهم بـ"تكسّر في أضلاع الصدر"، بينما نُقل آخرون إلى مراكز تحقيق ميدانية.

وفي الليلة الماضية وحدها، جرى اعتقال 55 مواطنًا إضافيًا والتحقيق معهم داخل مصنع طوب حُوِّل إلى ثكنة عسكرية قرب منزل الشهيد.

كما أغلقت قوات الاحتلال جميع الطرق المؤدية إلى البلدة بالسواتر الترابية والبوابات الحديدية، وألقت منشورات تهدد السكان وتتوعد بمحاسبة البلدة بأكملها- بحسب عوض.

استهداف عائلة الشهيد صبارنة: منع عزاء وهدم مرتقب

وتؤكد الصحفية عوض أن قوات الاحتلال اقتحمت منزل الشهيد وليد صبارنة، وأغلقت بابه بالحديد، ومنعت العائلة من العودة إليه، بعد أخذ قياساته تمهيدًا لهدمه.

وكان الاحتلال قد اعتقل والدي الشهيد في اليوم الأول، وحقق معهما بشأن علمهما المسبق بالعملية.

وتشير الصحفية إلى أن الشهيد، طالب تمريض في سنته الجامعية الأولى، حيث ترفض سلطات الاحتلال تسليم جثمانه، بل أبلغت عائلته: "لن تروه مجددًا، وسنربّي بقية أولادكم".

وتضيف أن طائرة مسيرة تلازم منزل العائلة منذ أيام، وتمنع استقبال المعزين أو فتح بيت عزاء، وسط تهديدات بمنع أي مقابلات صحفية أو تعليق صور الشهيد.

من جانبه، يقول رئيس بلدية بيت أُمّر السابق نصري صبارنة في تصريح صحفي، إن الاحتلال "لم يكتف بإغلاق منزل عائلة الشهيد وتشريد أفرادها السبعة"، بل أغلق أيضًا مداخل ونوافذ منازل أعمامه في الطوابق العلوية، مشردًا أكثر من 30 فردًا دون السماح لهم بأخذ أي من مقتنياتهم الأساسية، بما فيها ملابس الأطفال وكتبهم المدرسية.

"ما يجري سياسة ضم تحت غطاء العقوبات"

بدوره، يقول يوسف أبو ماريا، منسق اللجان الشعبية في بيت أُمّر، إن الحصار الحالي ليس إجراءً عابرًا، بل استمرار لحملة واسعة بدأت قبل أسبوع، عقب استشهاد طفلين كانا يعملان في الزراعة قرب البلدة، حيث استشهد الطفلين بلال بعران (15 عامًا) ومحمد أبو عياش (15 عامًا) برصاص الاحتلال قرب البلدة، ما فاقم حالة الاحتقان والتوتر داخل بيت أُمّر.

ويوضح في تصريح لموقع "الترا فلسطين"، أن قوات الاحتلال داهمت نحو 300 منزل خلال الأيام الخمسة الماضية، واعتقلت أو استجوبت عشرات المواطنين، بينهم من حول للاعتقال الدائم مثل المواطنة سهير أبو هاشم، بالإضافة إلى شاب كان يدرس في تركيا ونُقل إلى سجن عوفر.

وبعد عملية "غوش عتصيون"، قال أبو ماريا، إن قوات الاحتلال شددت إغلاق البلدة بالكامل، معلنة إياها "منطقة عسكرية مغلقة"، مع شبه منع تجول، ومنع وصول المواطنين إلى المساجد، فضلًا عن مصادرة سيارات قانونية وغير قانونية.

ويضيف أبو ماريا إن الاحتلال ألقى منشورات تهديد للسكان "لكن الواقع أن هذه الإجراءات لا تُثني الناس، بل تزيد من صمودهم"، مؤكدًا أن البلدة ترد يوميًا على التضييق بالصمود والثبات.

ويشير إلى أن جيش الاحتلال أخطر اليوم بالاستيلاء على 89 دونمًا من أراضي المواطنين لأغراض عسكرية قرب مستوطنة "كرمي تسور"، وذلك بعد أسبوعين من مصادرة 40 دونمًا قرب "بيت البركة"، معتبرًا أن "ما يجري هو سياسة ضم تدريجية تحت غطاء الأوامر العسكرية".