بيسان

خنقٌ ممنهج.. إسرائيل تقيّد دخول المساعدات وتغلق معبر رفح أمام 22 ألف مريض وجريح

المصدر تقارير
خنقٌ ممنهج.. إسرائيل تقيّد دخول المساعدات وتغلق معبر رفح أمام 22 ألف مريض وجريح
أحلام حماد

أحلام حماد

صحافية فلسطينية

على نحو ممنهج تتلاعب قوات الاحتلال الإسرائيلي بحركة المعابر مع قطاع غزة، وتسمح بإدخال كميات محدودة من المساعدات الإنسانية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية، الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من الشهر الجاري.

وبعد عامين من حرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التي مارستها قوات الاحتلال بحق زهاء مليونين و300 ألف نسمة، لا يلمس أغلبهم أثرًا لهذه المساعدات الشحيحة، إذ لا تلبي أولويات الاحتياجات من غذاء ودواء وإيواء.

يعتقد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا أن حاجة السكان في القطاع تفوق عدد 600 شاحنة من المساعدات والإمدادات الإنسانية، حيث فتكت الحرب بالجميع، وباتوا بحاجة إلى مختلف أنواع المساعدات وبكميات كبيرة

وكان من المفترض بموجب اتفاق وقف إطلاق النار أن تسمح قوات الاحتلال بتدفق المساعدات بمعدل 600 شاحنة يوميًا، وهو عدد تقول عنه الهيئات الدولية والأهلية إنه غير كافٍ بعد تجربة الحرب والتجويع القاسية.

وعلاوة على خرق البند المتعلق بالمساعدات، تراوغ دولة الاحتلال في شأن إعادة فتح وتشغيل معبر رفح البري بين القطاع ومصر أمام حركة الأفراد، وإتاحة الفرصة لسفر نحو 22 ألفًا من الجرحى والمرضى للعلاج بالخارج، وترهن فتحه بقضية تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في القطاع.

خروق إسرائيلية

ومنذ التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار على أمل وضع حد لجرائم القتل اليومية بالنيران والحصار والتجويع، سمحت قوات الاحتلال بدخول 986 شاحنة مساعدات فقط، من بينها 14 شاحنة غاز طهي و28 شاحنة سولار، بحسب رصد وتوثيق المكتب الإعلامي الحكومي.

وهذه الشاحنات، بحسب البيانات الرسمية، من أصل 6600 شاحنة كان يفترض دخولها خلال عشرة أيام من العاشر وحتى العشرين من الشهر الجاري، غير أن الاحتلال خالف ما تم التوافق عليه ضمن الاتفاق.

وتضمنت المساعدات الإنسانية 14 شاحنة محمّلة بغاز الطهي، و28 شاحنة سولار مخصّصة لتشغيل المخابز والمولدات والمستشفيات والقطاعات الحيوية المختلفة، في ظل النقص الحاد في هذه المواد الحيوية التي يعتمد عليها السكان بشكل مباشر للحياة اليومية، بعد أشهر طويلة من الحصار والتدمير الممنهج الذي خلفته حرب الإبادة الجماعية.

يوضح مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة أن متوسط عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يوميًا منذ بدء سريان وقف إطلاق النار لا يتجاوز 89 شاحنة فقط من أصل 600 ينصّ عليها الاتفاق.

ووضع الثوابتة في حديثه مع "الترا فلسطين" هذه الخروق الإسرائيلية للاتفاق ضمن سياسة الخنق والتجويع والابتزاز للسكان المدنيين، حيث لا تغطي هذه المساعدات المحدودة الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية والمعيشية.

مساعدات ثانوية

وإمعانًا في الخرق والتنصّل من الالتزامات بموجب الاتفاق، يؤكّد الثوابتة أن الاحتلال يسمح بدخول موادّ ثانوية، ولا يزال يعرقل دخول موادّ أساسية، مثل الآليات الثقيلة ومعدات التعامل مع الركام والأنقاض، والأجهزة الطبية ومستلزمات ترميم وإنعاش القطاع الصحي، والمواد الخاصة بصيانة البنية التحتية والخدمات الحيوية لعمل البلديات، إضافةً إلى كميات كافية من الوقود.

ومنذ خرقه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في يناير/كانون الثاني الماضي، واستئناف الحرب على القطاع في 18 مارس/آذار الماضي، تمنع قوات الاحتلال إدخال الوقود وغاز الطهي إلى القطاع.

يقدّر الثوابتة أن القطاع بحاجة يومية إلى نحو 50 شاحنة من غاز الطهي والوقود، من أجل الاستجابة السريعة لحاجة السكان والمرافق الحيوية.

وفي خصوص مستلزمات الإيواء، قال الثوابتة إن الاحتلال سمح بدخول كميات شحيحة من الخيام، لا تفي بحاجة زهاء 288 ألف أسرة فقدت منازلها وليس لها مأوى، وهي بحاجة شديدة للخيام والكرافانات.

معبر رفح

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار كان من المقرر أن تنسحب قوات الاحتلال من الجانب الفلسطيني من معبر رفح، بعد أن تعيد ترميم ما دمرته إثر احتلاله ضمن العملية العسكرية الموسعة في مدينة رفح على الحدود الفلسطينية–المصرية جنوب القطاع، في مايو/أيار من العام الماضي.

ويقول الثوابتة إن الاحتلال لم يلتزم بالبند المتعلق بمعبر رفح، ولا يزال نحو 22 ألفًا من جرحى الحرب والمرضى يواجهون الموت في غزة، جراء حالة الانهيار التي تعاني منها المستشفيات وعدم توفر العلاج اللازم لهم، ويتلهّفون لفرصة السفر والعلاج بالخارج.

مساعدات شحيحة وحياة معقدة

ويعتقد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا أن حاجة السكان في القطاع تفوق عدد 600 شاحنة من المساعدات والإمدادات الإنسانية، حيث فتكت الحرب بالجميع، وباتوا بحاجة إلى مختلف أنواع المساعدات وبكميات كبيرة.

ويقول الشوا لـ"الترا فلسطين" إن عامين من حرب الإبادة والحصار والتجويع أفقدت أغلبية الغزيين مدخراتهم ومصادر أرزاقهم، ودمرت منازل 90% منهم، وليس بمقدورهم ماديًا شراء البضائع التجارية من الأسواق، التي لا تزال أسعارها باهظة ولا تناسبهم.

وتشير تقديرات أممية إلى أن أغلبية سكان غزة يعتمدون في معيشتهم على المساعدات الإنسانية، ويتناولون طعامهم يوميًا من تكايا خيرية، الأمر الذي يستدعي تدفّق المساعدات بنوعيات وكميات كبيرة، وفقًا للشوا.

ويشير في هذا الصدد إلى أن فصل الشتاء على الأبواب، وتزداد الخشية لدى نحو مليون ونصف المليون نازح من مواجهة البرد والأمطار، حيث لا تتوفّر لهم مآوٍ ملائمة، لافتًا إلى أن هناك حاجة ماسة وملحّة لنحو 300 ألف خيمة بشكل عاجل من أجل الإيواء السريع.

وتحدّث الشوا عن الحاجة الشديدة لآليات ثقيلة ومعدات للتعامل مع ملف جثامين الشهداء تحت الأنقاض، وفتح الشوارع، وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي، ومستلزمات أخرى لازمة وحيوية لعمل المستشفيات والبلديات التي تعاني من عجز شديد، فضلًا عن الحاجة إلى ما يسهم في استئناف العملية التعليمية المنهارة.