قالت مصادر مطلعة لـ"الترا فلسطين"، إن حالة من الجمود تسيطر على مسار مفاوضات التهدئة غير المباشرة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلافًا للتوقعات التي رافقت نهاية الأسبوع الماضي بشأن إمكانية استئناف هذه المفاوضات.
وأكدت المصادر عدم حدوث أي تقدّم فعلي في المسار التفاوضي حتى اللحظة، مشيرةً إلى أن ما يجري حاليًا لا يتعدى الاتصالات الطبيعية مع الوسطاء العرب، دون أي نقاش تفصيلي أو تبادل للأوراق.
مصادر مطلعة لـ"الترا فلسطين": الإسرائيليون يصرّحون أحيانًا عن تقدم في المفاوضات، لكن لا أثر لذلك على الأرض
وكانت الوساطة القطرية والمصرية قد أبلغت قيادة حركة حماس في الدوحة، مساء الجمعة الماضية، بإمكانية إعادة تحريك ملف التهدئة، عبر التقدم باتجاه ورقة إطار لوقف إطلاق النار، وذلك بعد تسليم الحركة ردها النهائي، يوم الخميس، الذي وُصف حينها بأنه جاء بتنسيق تام مع جميع الوسطاء. غير أن الجانب الأميركي، وتحديدًا المبعوث ستيف ويتكوف، انقلب على المقترح – وفقًا للمصادر – مما أعاد العملية إلى نقطة الصفر.
وتقول المصادر لـ"الترا فلسطين"، إنّه لم يتم توجيه أي دعوة رسمية لعقد لقاء تفاوضي، كما لم تُسلَّم الحركة أي ملاحظات أو تعديلات على ردّها الأخير بشكل ورقي، والذي كان من المفترض أن يُشكّل أساسًا للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ورغم هذا الجمود، تواصل وسائل إعلام إسرائيلية نشر تسريبات تتحدث عن "تفاؤل" في المفاوضات. فقد نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى ومصدر من إحدى الدول الوسيطة، تأكيدهم أن المفاوضات ما تزال قائمة، وأن مباحثات غير علنية تُجرى في جزيرة سردينيا الإيطالية، بمشاركة شخصيات من قطر والولايات المتحدة و"إسرائيل"، ضمن مساعٍ لبلورة صفقة جزئية مبنية على مقترح ويتكوف.
لكن هذه الأنباء، بحسب المصادر المطلعة على المفاوضات، لا تعكس واقعًا حقيقيًا على الأرض، إذ تنفي وجود أي تحديث جديد، قائلة: "لم تصلنا أي إشارة، أو أي ورقة، ولا يوجد تفاوض فعلي حاليًا". وأضافت: "الإسرائيليون يصرّحون أحيانًا عن تقدم في المفاوضات، لكن لا أثر لذلك على الأرض. حتى الولايات المتحدة تتحدث عن تفاؤل، لكن دون أي دليل أو شواهد".
وبحسب المصادر، فإن "الإسرائيليين لا يشاركون عادة في التفاوض إلا بعد إنضاج خطوط عريضة عبر الوسطاء، وبعد مشاورات أميركية مسبقة مع مصر وقطر وحركة حماس. وعندها فقط، يصل وفد تفاوضي إسرائيلي رسمي، وغالبًا ما يكون وفدًا فنيًا لا يملك القرار. وفي المرحلة الأخيرة، يرسلون وفدًا يملك القرار في حال تمّ التوافق الأميركي-الإسرائيلي".
وتشير المصادر إلى أن التواصل مع الوسطاء مستمر، لكنه لا يرقى إلى وصف "التفاوض"، حيث لا تجري حاليًا أي لقاءات مباشرة، ولا تبادل رسمي للملاحظات أو البنود أو الصياغات النهائية، وهو ما يؤكد غياب أي إطار تفاوضي فعلي. لكن السياسة الأميركية، وفق المصادر، لا يمكن الركون إليها، إذ قد تعود في أي لحظة إلى استئناف المفاوضات.
وذكرت المصادر أن موقف الوفد التفاوضي يتوافق مع إعلان الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في 18 تموز/يوليو، ومع ما صرّح به رئيس وفد حركة حماس في المفاوضات، خليل الحية، بشأن إجراء تقييم داخلي بين الفصائل، وفي داخل الحركة، حول جدوى استمرار العملية التفاوضية بصيغتها الحالية.
وتقدّر الفصائل أن "المسار الحالي أمام مفترق طرق حاسم": فإما أن تتقدم الإدارة الأميركية بورقة نهائية مقبولة تُمهّد لهدنة شاملة، أو يستمر التصعيد الميداني وما يحمله من مآسٍ تحاول حكومة الاحتلال فرضها على الأرض. خاصة أن الهدنة الجزئية التي تسعى إليها حكومة الاحتلال تُعتبر مطلبًا داخليًا إسرائيليًا أكثر منه رغبة أميركية، رغم أن واشنطن تفضّل صفقة شاملة تتوافق مع التوجهات الإسرائيلية. ما يضع حركة حماس أمام أزمة لا تتيح لها القبول بالمطروح، إذا ما كان يتضمن شرعنة احتلال غزة بشكل مستدام.
أما فيما يخص الدور الحالي للوسطاء، فتشير المصادر إلى أن التركيز بات منصبًا على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل تصاعد خطر المجاعة وانهيار الوضع الإنساني. وأكدت وجود ضغوط دولية تُمارس على الاحتلال لتسهيل دخول المساعدات، دون ربطها مباشرة بمسار التفاوض.