بيسان

خاصّ | اتفاق إسرائيلي - أوروبي لإدخال المساعدات إلى غزة: حبر على ورق

المصدر تقارير
خاصّ | اتفاق إسرائيلي - أوروبي لإدخال المساعدات إلى غزة: حبر على ورق
الترا فلسطين

الترا فلسطين

فريق التحرير

بعد 10 أيام من الإعلان عن اتفاق إسرائيل والاتحاد الأوروبي، لـ"تحسين الحالة الإنسانية وزيادة تدفق المساعدات إلى قطاع غزة"، تتصاعد المجاعة في القطاع المحاصر، وتصل إلى ذروة جديدة غير مسبوقة، بينما تشير مصادر "الترا فلسطين" إلى أن الاتفاق لم يتقدم على الأرض، رغم إعلانه من قبل مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

وأكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، شادي عثمان، في تصريح خاص لـ"الترا فلسطين"، أنه حتى اللحظة لا يوجد أي جديد حول اتفاق إدخال المساعدات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

قالت مصادر لـ"الترا فلسطين"، إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، بهدف إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، لم ينعكس على الأرض بشكلٍ مباشر، كما أنه أعلن دون تنسيق مع أي طرف فلسطيني. 

وأكدت مصادر متطابقة في حديث مع "الترا فلسطين"، أن الاتفاق الذي أعلن عنه في العاشر من تموز/يوليو الجاري، بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، حول إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، لا علاقة له بالمفاوضات الجارية في العاصمة القطرية، الدوحة، ولم تكن حركة حماس على اطلاع عليه، ولا السلطة الفلسطينية في رام الله على علم به.

وقال السفير عمر عوض الله لـ"الترا فلسطين"، إن الخارجية الفلسطينية علمت عن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حول إدخال المساعدات إلى قطاع غزة من الإعلام، ولا توجد أي تفاصيل حوله.

وأكد عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تحدث لـ"الترا فلسطين"، مشترطًا عدم ذكر اسمه لمناقشة قضية حساسة، أنه لا يوجد أي تشاور سابق أو معلومات حول ما توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل من اتفاق حول إدخال المساعدات إلى قطاع غزة.

وأكد دبلوماسي فلسطيني لـ"الترا فلسطين"، أن الاتحاد الأوروبي كان بحاجة للتوصل لمثل هذا الاتفاق والحديث عنه في الإعلام قبل موعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الخامس عشر من الشهر الجاري لنقاش فرض عقوبات على إسرائيل.

وتابع الدبلوماسي: "ممثلة الاتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية كايا كالاس هي راعية هذا الاتفاق، في خطوة استباقية لإجهاض أي مساعٍ لفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي على إسرائيل بسبب جرائمها في قطاع غزة".

وأكد مصدر قيادي في حركة حماس، خلال حديث مع "الترا فلسطين"، على "عدم علم الحركة بأي اتفاق تمّ بين الاتحاد الأوروبي وسلطات الاحتلال بشأن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة"، مضيفًا أن "أي تفاهمات واتفاقيات لا تترجم عمليًا على الأرض لا تعنينا في حماس".

ويتابع المصدر إن الاحتلال يحاول الالتفاف على الاتفاقات السابقة من خلال عقد تفاهمات جديدة مع الجانب الأوروبي، بهدف تقليص عدد الشاحنات التي تدخل القطاع.

ويضيف أن الاحتلال قد يستخدم هذا الاتفاق لاحقًا للادعاء بأن إدخال المساعدات يخضع لترتيبات منفصلة لا علاقة لها بأي تفاهم سياسي محتمل مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، في إشارة إلى الاتفاق السابق الذي نص على إدخال 600 شاحنة يوميًا، بينما يجري الحديث حاليًا عن نحو 500 فقط بالاتفاق مع الأوروبيين.

ويرجّح المصدر أن الاحتلال وافق على إدخال هذه الكميات من المساعدات عبر منظمات تابعة للأمم المتحدة، في محاولة لإظهار أن العملية لا ترتبط بشروط المقاومة، وإنما جاءت من خلال ترتيبات أوروبية – إسرائيلية.

ويشير إلى أن الحركة لا تعارض هوية الجهة التي توزع المساعدات طالما أنها ليست "مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية، التي تتحفّظ الحركة بشدة على طريقة عملها. ويشدّد على أن أي دور لهذه المؤسسة يجب أن يكون واضحًا ومحددًا من حيث الجهة المنفذة وآلية التوزيع ونطاق عملها، وألا تكون الطرف الرئيسي في العملية الإغاثية، بل منظمات الأمم المتحدة.

ولفت المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي شادي عثمان إلى أن "هذا الاتفاق لا يرتبط بمفاوضات التهدئة أو وقف إطلاق النار في غزة، بل هو ملف منفصل تمامًا، يتعلق بالوضع الإغاثي وتطبيق القانون الدولي الإنساني". وأكد عثمان لـ"الترا فلسطين" أن "الاتفاق الذي أُعلن عنه مؤخرًا لم تُسجّل حتى الآن أي مؤشرات فعلية على بدء تنفيذه".

وعن موعد تطبيق الاتفاق، قال عثمان: "صراحةً، لا نعلم متى سيكون هناك تطبيق فعلي. لقد تحدثوا عن تنفيذ خلال أيام، لكننا ننتظر لنفهم ما المقصود تحديدًا بـ'خلال أيام'. فالموضوع ببساطة ما يزال قيد الانتظار، علمًا بأن عملية التوزيع ستتم عبر منظمات الأمم المتحدة".

وتعهدت "إسرائيل" باتخاذ سلسلة من الخطوات لتخفيف الأزمة الإنسانية، من بينها زيادة عدد الشاحنات المحمّلة بالمواد الغذائية وغير الغذائية، وفتح المعابر شمالًا وجنوبًا لإدخال المساعدات، وتسهيل توزيع الإمدادات الغذائية من خلال المخابز والمطابخ العامة المنتشرة في قطاع غزة، واستئناف توريد الوقود لاستخدامه في تشغيل المرافق الإنسانية والطبية، مع الالتزام بحماية طواقم الإغاثة، والعمل على إصلاح البنية التحتية الحيوية المتضررة، بما في ذلك إعادة تزويد محطة تحلية المياه بالكهرباء، بحسب عثمان.

ويؤكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن جميع هذه التفاصيل "حظيت بالموافقة"، لكن مسألة التنفيذ العملي "ما تزال غير واضحة حتى الآن، ولا يُعرف إن كانت ستُطبق في المدى القريب". مضيفًا أن الاتفاق لا يتضمن بنودًا تتعلق بردود فعل أو إجراءات في حال لم تلتزم إسرائيل بالتنفيذ، "كما لا ينصّ على وجود مقابل معين تقدّمه أوروبا، بل يركّز على النتائج الميدانية فقط".

أما رئيس جمعية النقل الخاص في غزة، ناهض شحيبر، فأكد لـ"الترا فلسطين"، أنهم "لم يتلقوا أي إشعار رسمي بشأن الاتفاق، ولم يُبلغهم أحد بذلك"، مضيفًا: "كل ما نعرفه سمعناه عبر وسائل الإعلام، أما على أرض الواقع فلا وجود لأي أثر لهذا الاتفاق حتى الآن".

ويوضح شحيبر أن "المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة، ولا يتم إيصالها للجهات المعنية بالتوزيع، بل يتعمّد الاحتلال أن يدخل بشكل شبه يوم عدد محدود من الشاحنات بعد أن يتجمع الناس قرب المعابر، وثمّ يتم إطلاق النار عليهم". وتابع: "بالأمس دخل القطاع قرابة 100 شاحنة من المساعدات التي تتحرك بالقرب من دبابات الاحتلال، ولم تصل الشاحنات إلى أحد، بل انهال عليها الناس، وعصابات السرقة وارتقى قرابة 100 شهيد على إثر ذلك". مشيرًا إلى أنّ غالبية الشاحنات تندرج ضمن برنامج المساعدات التابع لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)".

ويضيف: "ما يتم تداوله عن إدخال شاحنات المساعدات التابعة للاتحاد الأوروبي خلال هذا الأسبوع غير دقيق، وكذب". مستطردًا بلهجة عامّية: "الميّ تكذّب الغطاس".

ويشير شحيبر إلى أن الوضع الإغاثي "يعاني من فوضى واضحة؛ إذ إن إسرائيل تتعمد إبقاء المساعدات بلا تنظيم، ما يؤدي إلى تدافُع الناس بشكل عشوائي للحصول عليها"، موضحًا أن غالبًا ما يتم الاستحواذ على المساعدات من قبل الفئات التي تسرقها بالقوة، بينما لا تصل إلى المواطنين العاديين، وذلك بتواطؤ بعض المؤسسات الدولية خلال عملية النقل أو التوزيع، وفق قوله.

وتُعد قضية المساعدات من أبرز النقاط العالقة في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وسط إصرار الاحتلال، وبدعم أميركي، على بقاء "مؤسسة غزة الإنسانية" كطرف رئيسي، وهي نقطة تعتبرها الحركة من الإشكاليات الكبرى في المسار التفاوضي. ووفق المصدر القيادي في حماس، فإن إدخال الاحتلال للأوروبيين على خط المشاورات، جاء فقط "لرفع الحرج، وليس بدافع إنساني حقيقي".

ويتابع المصدر: "هناك فرق بين ما يُقال في الإعلام حول إدخال المساعدات وعدد الشاحنات، وبين ما يجري فعليًا على الأرض، إذ إن الواقع مختلف تمامًا"، لافتًا إلى أن مؤسسة غزة تُقدَّم إعلاميًا كجهة موثوقة وفعالة، لكن ممارساتها في الميدان تعكس صورة مغايرة، وفق معلومات أمنية تملكها الحركة ولا تفصح عنها الآن.

وكشف المصدر عن أن المؤسسة تعمل كغطاء أمني استخباراتي، تُستغل في تنفيذ مهام أمنية حساسة، مثل عقد لقاءات مشبوهة، وتجنيد أفراد ضد سكان غزة والمقاومة، وتهريب أدوات قتالية لعملاء محليين، وفق قوله. كما يجري، بحسب ما أفاد به، تسلل وحدات إسرائيلية خاصة إلى غزة عبر غطاء العمل الإنساني، إلى جانب تنفيذ عمليات دخول وخروج في مناطق عسكرية.

ويضيف أن الأخطر من ذلك هو ما يجري في منطقة رفح، حيث يتم، تحت غطاء إنساني، إقامة معسكر اعتقال جماعي من الخيام، بمشاركة أطراف محلية متعاونة، بينها عصابة "أبو شباب"، بالإضافة إلى جهات عربية بدعم رسمي.

أكد دبلوماسي فلسطيني لـ"الترا فلسطين"، أن الاتحاد الأوروبي كان بحاجة للتوصل لمثل هذا الاتفاق والحديث عنه في الإعلام قبل موعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الخامس عشر من الشهر الجاري لنقاش فرض عقوبات على إسرائيل.

وبحسب المصدر، فإن المخطط يهدف إلى ترحيل أكبر عدد ممكن من السكان إلى تلك المنطقة، تمهيدًا لفرض سيناريوهات خطيرة تشمل الاعتقال أو الترحيل أو الإعدام الميداني. ويؤكد المصدر أن "الحركة تملك معلومات دقيقة تتجاوز الطابع الأمني"، وتتابع ميدانيًا ما وصفه بـ"الخطط الإسرائيلية لإعادة تشكيل الواقع في رفح".

ووفقًا للمعلومات، فإن سلطات الاحتلال تطرح عطاءات على شركات عربية، بغطاء أجنبي، للعمل على إنشاء المنطقة الحدودية في رفح، ما يكرّس مشروع التهجير ويفرض على الأهالي خيارين كلاهما مرّ: "البقاء في خيام اللجوء، أو المغادرة إلى المجهول". وقال المصدر إن "المقاومة تواجه هذه المخططات بالضربات اليومية، كما أن صمود السكّان وإدراكهم لخطورة المخططات الإسرائيلية يحول دون إمكانية تطبيق هذه المخططات".