بيسان

نقل إدارة الحرم الإبراهيمي للمستوطنين.. التصعيد الأخطر منذ مجزرة الخليل

المصدر تقارير
نقل إدارة الحرم الإبراهيمي للمستوطنين.. التصعيد الأخطر منذ مجزرة الخليل
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

أكد مسؤولان فلسطينيان، في تصريحات منفصلة لـ "الترا فلسطين" يوم الأربعاء، أن الجهات الرسمية الفلسطينية لم تتلقَّ أي إشعار رسمي من الاحتلال الإسرائيلي بإلغاء صلاحيات بلدية الخليل ووزارة الأوقاف في الحرم الإبراهيمي، وذلك بعدما نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن حكومة نتنياهو قررت نقل الصلاحيات في الحرم إلى المجلس الديني في مستوطنة "كريات أربع".

أكد مدير الحرم الإبراهيمي أن إدارة الحرم لم تتلقَّ أي إشعار بتغيير الوضع القائم في الحرم، "وما يزال موظفونا في مواقعهم بالحرم، وسيمضون في عملهم كالمعتاد"

وقال رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة، إن البلدية لم تُبلّغ رسميًا بأي قرار جديد، وإنما سمعت بالخبر بعد نشره في الإعلام الإسرائيلي، مؤكدًا أن القرار الإسرائيلي يُشكّل اعتداءً على صلاحيات بلدية الخليل والأوقاف الإسلامية.

وأشار أبو سنينة إلى أن الحرم الإبراهيمي "يُعدُّ مَعلمًا حضاريًا وإسلاميًا، وهو مسجل على قائمة التراث العالمي الإنساني"، مضيفًا أن "ما يجري هو اعتداء على مشاعر المسلمين، باعتباره أحد أهم مقدساتهم، وهذا الاعتداء والتدخل مرفوض، وسوف تتابع البلدية التصدي له بكل الوسائل المتاحة لنا"، حسب قوله.

من جانبه، أكد مدير الحرم الإبراهيمي، معتز أبو سنينة، أن إدارة الحرم لم تتلقَّ أي إشعار بتغيير الوضع القائم في الحرم، "ولم يحدث أي تغيير على أرض الواقع في الفترة الأخيرة، وما يزال موظفونا في مواقعهم بالحرم، وسيمضون في عملهم كالمعتاد".

وأوضح أبو سنينة أنهم أبلغوا جميع المؤسسات الرسمية لتوحيد الجهود في مواجهة هذه الرواية الإسرائيلية، والعمل على وضع حد للاعتداءات المستمرة. وعلى الصعيد الشعبي، وجّه نداءً إلى العائلات في الخليل لإعمار الحرم الإبراهيمي وشدّ الرحال إليه، من أجل إفشال محاولات الاحتلال لتهويد ما تبقى منه.

تغييرات واعتداءات مستمرة منذ سنوات

وبيّن تيسير أبو سنينة أن الاحتلال، ومنذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، ينفّذ خطوات متدرجة للسيطرة عليه، بدأت بالتحكّم في الأبواب واستخدام المرافق، وصولًا إلى التدخل في أعداد المصلين، منتهكًا توصيات لجنة “شمغار” الإسرائيلية التي شكّلتها حكومة الاحتلال بعد المجزرة، ويُفترض أنها مرجعية الاحتلال في إدارة الحرم، إضافة إلى مخالفتها لبروتوكول الخليل "المجحف أصلًا ولا يلبّي الحد الأدنى من حقوق المسلمين".

وأوضح تيسير أبو سنينة أن إدارة الحرم تابعة بالكامل للأوقاف الإسلامية، في حين أن بلدية الخليل لها صلاحيات تنظيمية في المنطقة، وتقدّم الخدمات، وبالتالي يُمنع أي بناء أو تغيير في الحرم دون موافقة مسبقة من البلدية.

بينما أكد معتز أبو سنينة أن الاعتداءات على الحرم مستمرة منذ سنوات طويلة، وتكررت بشكل يومي، وتزايدت بعد بدء الحرب على غزة، حيث أغلق الاحتلال جميع المداخل المؤدية إلى الحرم، وقام بحفريات في شبكات المياه والكهرباء، ووضع أقفالًا على جميع أبواب وغرف الحرم، وأصدر قرارات إبعاد بحق الموظفين في الحرم.

وأضاف أبو سنينة أن الأوقاف لم تتسلّم الحرم كاملًا في الأيام السنوية العشرة المخصصة للمسلمين، علاوة على منع الأذان في كثير من الأوقات، نتيجة لاستباحة غرفة الأذان.

خطوة غير مسبوقة

من جهتها، حذّرت وزارة الخارجية الفلسطينية من تداعيات القرار الإسرائيلي، ووصفت الخطوة بأنها "غير مسبوقة" وتهدف إلى "تهويد الحرم وتغيير هويته".

وقالت الوزارة في بيان إن "ما نقله الإعلام العبري حول نقل صلاحيات إدارة المسجد الإبراهيمي من بلدية الخليل الفلسطينية إلى مجلس استيطاني، يُمثّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

وطالبت الخارجية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" والمجتمع الدولي بـ"التدخل العاجل لوقف تنفيذ هذا القرار فورًا"، محذّرة من تداعياته على المقدسات الإسلامية والمسيحية كافة.

وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" قد وصفت القرار بـ"البشرى الكبرى للاستيطان"، معتبرةً أن ما جرى هو "تغيير تاريخي وغير مسبوق" في الوضع القائم في الحرم الإبراهيمي.

ورغم أن الصحيفة لم توضّح طبيعة الصلاحيات التي سيتم سحبها، إلا أنها أشارت إلى أن الهدف هو "الدفع نحو تنفيذ تعديلات هيكلية في الموقع، من بينها إعادة تسقيفه وبناء سقف لساحة يعقوب، وهي المنطقة التي يُصلي فيها اليهود 90 في المئة من أيام السنة"، وفقًا للصحيفة.

يُشار إلى أنه، في حال دخل القرار الإسرائيلي حيّز التنفيذ، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يُجري فيها الاحتلال تغييرات جذرية في الحرم الإبراهيمي منذ قرارات لجنة "شمغار" عام 1994، التي أوصت حينها بتقسيم الحرم بنسبة 63 في المئة لليهود و37 في المئة للمسلمين، عقب المجزرة التي نفذها المستوطن باروخ غولدشتاين، وقتل فيها 29 فلسطينيًا كانوا يؤدون صلاة الفجر.