بيسان

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا

المصدر تقارير
أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
سماح شاهين

سماح شاهين

من غزة مهتمة بالشأن السياسي والاجتماعي والعربي والدولي

"تسلخاتٌ في الجلد وبكاءٌ شديد دون توقف"، هكذا وصفت ملك حرز الله حالة ابنها الرضيع (6 أشهر)، بعد أن اختارت طريقة بديلة موجعة للحفاضات بسبب ارتفاع سعرها من 15 شيكلًا إلى 350.

أسعار الحفاظات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات، ما يسبب تسلخات والتهابات للأطفال

تقول ملك: "أسعار الحفاضات ارتفعت بشكل جنوني، وكأننا نملك بنكًا نذهب به إلى السوق. بعد سماعي للأسعار، قررتُ اختيار طرق بديلة استخدمها أجدادُنا في قديم الزمان، لكن أجساد أطفالنا لم تحتمل، والآن لا نجد علاجات مناسبة لهم".

غير متوفرة وأسعارها مرتفعة

وتشير إلى أن سعر الحفاضة الواحدة ارتفع إلى 10 شواكل على الأقل، وهي تضطر أحيانًا لشراء واحدة منها للتخفيف عن طفلها، لكن فوق ارتفاع سعرها فإنها شحيحة جدًا، ولذلك فإنهم يعانون من ناحيةٍ في العثور على هذه الحفاضات، ومن ناحيةٍ أخرى في توفير ثمنها، خاصة أن غالبية العائلات في قطاع غزة تعتمد على المساعدات الإنسانية، وليس لها مصدر رزق بعد 21 شهرًا من الحرب.

ولذلك، اضطرت ملك إلى استخدام بديل "الحفاضة" التي توفرت في السوق مؤخرًا، وهي أكياس من "النايلون" تُشبه الحفاضة في شكلها، وسعر الواحدة منها 10 شواكل، لكنها أدّت إلى أمراض جلدية وتسلخات لطفلها. وتؤكد أن المراكز الصحية غير قادرة على توفير العلاجات، خاصةً الأمراض الجلدية مثل التي يعاني منها الأطفال نتيجة بدائل الحفاضات، مضيفةً أنها تستخدم "السيرج" لتخفيف آلامه.

داليا المصري، أمّ لثلاثة أطفال، قررت التخلي عن الحفاضات لطفلتها التي لم يتجاوز عمرها عامًا واحدًا، واستخدام الأقمشة وأحيانًا النايلون، بعدما فقدت ما تملك واستُشهد زوجها. وتشير إلى أنها تعلّمت هذه الطريقة من النساء المحيطات بها في الخيام.

تقول داليا: "كانت الجمعيات توزع علينا الحفاضات والحليب من حين لآخر، لكن بسبب الوضع الحالي توقفت جميع المساعدات، فاضطررت لاستخدام بعض من ملابسها وملابسي كحفاضات لها، على الرغم من أن هذه الطريقة صعبة جدًا".

وتوضح داليا أنّ علامات احمرار بدأت على فخذ طفلتها، وقد حاولت تبريدها بالمياه وتركها لمدة دقائق كي لا تتفاقم معاناتها وتزداد التسلخات الجلدية، خاصة مع عدم توفر الأدوية في الصيدليات والمراكز الصحية.

وتضيف: "هذه الأيام أعادتنا إلى حياة أجدادنا، ولكن بطريقة أصعب بسبب قلة المياه والأدوية والطعام أيضًا. الأطفال في غزة عاشوا عامًا ونصف، أُعدمت فيه حياتهم الصحية".

وتوضح أنّ طفلتها تحتاج إلى الأقل 6 حفاضات في اليوم، وبعد ارتفاع سعر الواحدة منها إلى 10 شواكل، فإنها تحتاج إلى 60 شيكلًا يوميًا، وهذا المبلغ لا تملكه، وإن توفّر فستشتري به الطعام وليس الحفاضات.

من جانبه، هاني الشنطي، الذي كان يعمل في البناء قبل الحرب، خسر مصدر رزقه منذ بدء الحرب على غزة، وبات يعتمد على المساعدات. ونتيجة لذلك، يجد نفسه عاجزًا عن توفير الحفاضات لطفله الرضيع الذي وُلد قبل شهر واحد، ما اضطر زوجته لاستخدام الأقمشة البالية كحفاضة لطفلهما، لكنه أُصيب بتسلخات وحروق لم يجد له علاجًا سوى البودرة المُخصصة للأطفال وتركه أحيانًا قرابة النصف ساعة دون أي حفاضة.

يقول هاني: "عندما يبكي طفلي، نبكي معه. نتخبط في كل وقت، غير قادرين على مساعدته. وأحيانًا أضطر للاستدانة لتوفير حفاضة واحدة لليلة كاملة". وفي الصباح، تُغيّر زوجة هاني الحفاضة لطفلهما، وتمسح جسده بقطعة قماش ناعمة كي لا يشعر بالألم.

نصائح للوقاية

والحفاضات ليست السلعة الوحيدة التي يفتقدها الأطفال في هذه الحرب، فالحليب والسيريلاك أيضًا نفدا من قطاع غزة، بما في ذلك الحليب العلاجي. ويقول طبيب الأطفال علاء أبو قمر إن بدائل الحفاضات من القماش والنايلون سببت تسلخات والتهابات جلدية، وبالتالي بكاءً مستمرًا من الأطفال نتيجة الوجع الذي تُسببه هذه التسلخات والالتهابات.

وتحدث أبو قمر عن طرق للوقاية من التسلخات والالتهابات، مثل وضع قطعة قماش قطنية لامتصاص سوائل الإخراج وتغييرها بشكل دوري، وعدم اللجوء إلى الصابون المُحلى لغسل المنطقة الحساسة، وعدم استخدام الورق المبلل لاحتوائه على مواد تُساعد على هيجان الجلد. وإضافةً إلى ذلك، يتوجب تعريض المنطقة الحساسة للهواء من فترة لأخرى.

يحذر علاء أبو قمر من استخدام المراهم التي تحتوي على كورتيزون مثل "البيتاكير"، ويؤكد أن أفضل علاج هو الوقاية، وذلك بجعل المنطقة الحساسة جافة دائمًا، وعدم ترك الطفل "مبلولًا" لفترة طويلة

ويؤكد أبو قمر أن من الصعب الحصول على الأدوية اللازمة لعلاج هذه التسلخات والالتهابات، فهي تكاد تكون معدومة، محذرًا من استخدام المراهم التي تحتوي على كورتيزون مثل "البيتاكير"، ومشددًا على أن أفضل علاج هو الوقاية، وذلك بجعل المنطقة الحساسة جافة دائمًا، وعدم ترك الطفل "مبلولًا" لفترة طويلة.

ويوضح علاء أبو قمر أن أزمة الحفاضات تُشكّل تهديدًا حقيقيًّا لسلامة الأطفال، مشيرًا إلى أن الأهالي يتوجهون إلى المستشفى لعدم توفر العلاج الخارجي، ظنًّا منهم أن الأطباء في المستشفى سوف يوفرون لهم الدواء، ولكن المستشفى بالكاد تستطيع توفير الأدوية للأطفال المنوّمين فيها، مؤكدًا أن الوضع في قطاع غزة "كارثيٌّ ولم يسبق له مثيل".