بيسان

عالقون في الأردن ومعاناة مع منصة الحجز المسبق.. أزمة جديدة على معبر الكرامة

المصدر تقارير
عالقون في الأردن ومعاناة مع منصة الحجز المسبق.. أزمة جديدة على معبر الكرامة
الترا فلسطين

الترا فلسطين

فريق التحرير

لم يكن يعلم شادي خضر، الفلسطيني العائد من الأردن، أن الحجز الإلكتروني المسبق عبر منصة "جِت" لن يوفّر عليه ساعات الانتظار الطويلة تحت الشمس الحارقة للعبور من جسر الملك حسين.

ففي موسم الصيف، ومع ذروة حركة المسافرين، تحوّل الجسر من ممر عبور إلى محطة سفر صعبة للغاية، رغم إطلاق نظام الحجز الإلكتروني الذي وُعِد بأنه سيخفف الأزمة. لكن الواقع جاء مختلفًا، لتنفجر من جديد معاناة قديمة جديدة.

أحد المسافرين: "رأيت نساء حوامل، أطفالًا يبكون، ومسنين يتكئون على الجدران، وذوي احتياجات خاصة بلا ماء أو ظل. مشاهد يندى لها الجبين".

"إذلال ممنهج.. والحجز غير مضمون كي تسافر"

يصف شادي خضر تجربته، في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بـ"الإذلال الممنهج"، رغم التزامه بالحجز الإلكتروني عبر المنصة الرسمية لشركة "جِت".

يقول شادي: "أكثر من 4 ساعات ونحن نُحتجز تحت الشمس، دون أي مبرر أو احترام. رأيت نساء حوامل، أطفالًا يبكون، ومسنين يتكئون على الجدران، وذوي احتياجات خاصة بلا ماء أو ظل. مشاهد يندى لها الجبين".

ويضيف: "أُدخِل أكثر من 3000 شخص عبر خدمة VIP، فتحوّلت الكرامة إلى عملة تُباع وتُشترى. من يملك المال يعبر، والباقي ينتظر على الرصيف".

أما محمود نواجعة، خاض هو الآخر تجربة أشدّ مرارة، حيث وصل إلى جسر الملك حسين حوالي الساعة الخامسة صباحًا، وتوجه إلى منطقة المسافرين عبر خدمة VIP، وتطوع بتنظيم أدوار لأكثر من 500 شخص، لكن الشرطة الأردنية رفضت الاعتراف بها رغم علمهم بوجود ورقة يُكتب عليها رقم الدور. هكذا وصف نواجعة ما جرى معه: "قال لي أحد الضباط: بلّ ورقتك واشرب ميّتها. طالبت فقط بتنظيم عادل، لكن المعاملة كانت مهينة، والازدحام خانق، النساء، والأطفال، والشيوخ، الكل كان في حالة انهيار".

ويتهم نواجعة موظفي شركة "جِت" بالتلاعب، مضيفًا: "بعض العاملين يبيعون الأدوار مقابل المال، ويتلاعبون بالحجوزات. لم نعد نعرف من المسؤول ومن الشريك في هذه الفوضى".

شركة "جِت": كل من حجز سافر بسلاسة

في المقابل، تؤكد شركة "جِت" أن المنصة الإلكترونية الرسمية لها هي الوسيلة الوحيدة المعتمدة لحجز التذاكر، وأن جميع من حجزوا عبرها دخلوا "بكل سلاسة ويسر".

كما شددت أنها "لن تعترف بأي جهات أخرى تقوم بالحجز أو تقدم خدمات غير معتمدة"، وهددت بمقاضاة من ينشر "معلومات خاطئة".

لكن هذه الرواية تتناقض مع الكمّ الكبير من الشكاوى التي وصلت لمؤسسات حقوقية وجهات إعلامية، والتي تتحدث عن "فوضى وتنظيم فاشل، وانتهاكات مستمرة بحق المسافرين".

وأكّد مدير مركز حريات وعضو حملة "بكرامة" حلمي الأعرج، لموقع "الترا فلسطين"، وصول الكثير من الشكاوى إليهم حول الحجز المسبق، بالإضافة إلى الاضطرار لطلب خدمة VIP بأعداد كبيرة، وتحمّل تكاليف مالية باهظة.

وقال الأعرج: "الأهم من ذلك هو ما يجري من انتهاك للكرامة، حيث الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى يتعرضون لأشعة الشمس الحارقة، دون أماكن انتظار، والانتظار لساعات طويلة وربما لأيام، حيث يتم إلغاء الحجز رغم الحجز على المنصة".

المطلوب فتح الجسر 24 ساعة وتخفيض الأسعار

ويرى الأعرج أن من مسؤولية السلطة الفلسطينية أن تنسق مع الأردن لضمان إجراءات سليمة للسفر، وأن على المجتمع الدولي أن يُلزم دولة الاحتلال بتحسين ظروف السفر والعودة إلى فتح الجسر لمدة 24 ساعة، كما كان في السابق، وإلغاء المنصة والحجوزات المسبقة، وتخفيض الأسعار، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه، في إطار عملية التنسيق الشامل.

وحمّل الأعرج دولة الاحتلال كامل المسؤولية عن كل هذه الأزمة، كونها تحدّد ساعات عمل الجسور؛ وهو ما يؤدي إلى ازدحام خانق بسبب الأعداد الكبيرة. وشدّد على أن الحل يجب أن يكون سياسيًا من جهة، وأن يكون هناك تنسيق بين الجهات المعنية من جهة ثانية.

شركة "جت" تعلن عن إجراءات جديدة

وفي محاولة منها لتحسين الخدمات، بعد هذا الكم الكبير من الشكاوى، طالبت شركة "جِت" المسافرين بضرورة إدخال رقم الجواز بشكل صحيح عند تعبئة البيانات على منصة الحجز المسبق، حيث سيتم مطابقة اسم الراكب ورقم الجواز لاعتماد الدخول واستخدام التذكرة.

كما دعت الشركة الزبائن الراغبين بالسفر إلى التواجد في موقع الانطلاق قبل موعد الرحلة بنصف ساعة فقط، منعًا للازدحام.

وطالبت المسافرين الإبلاغ عن أيّ بيوعات خارج المنصة للجهات المعنية حفاظًا على حقوقهم ومنعًا لتعطّلهم، مضيفةً أن "استكمال البيانات والحجز على المنصة لا يتجاوز 3 دقائق، ويضمن السفر الآمن والحجز الصحيح وفق التعليمات والأسعار الرسمية المُعلنة".

وزارة الداخلية الأردنية تستعرض أسباب الأزمة

بدورهه، اعتبرت وزارة الداخلية الأردنية أن سبب المشكلة الرئيسي يتمثل "بحضور المسافرين إلى جسر الملك حسين في وقت مبكر، يسبق موعد السفر، مما يسبب الاكتظاظ وطول فترة الانتظار".

وأضافت الداخلية، في بيان، أن هناك "إشكالية في طبيعة خدمة الحجز الإلكتروني للمسافرين، التي تتيح للشخص الواحد شراء العديد من التذاكر دون التقيد بعدد محدد".

إضافة إلى ذلك، نوّهت الوزارة في بيانها إلى "وجود مجموعة من الأشخاص الذين يترددون بشكل يومي على استخدام الجسر، لأهداف ربحية وغايات مختلفة، لا ترتبط بشكل وثيق بالأولويات الأساسية من استخدام الجسر، مما يزيد من الازدحام وتأخير حركة المسافرين".

وقال البيان إن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية وجّه المسؤولين في الجسر وشركة "جِت" لنقل الركاب، إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات والتعليمات، مثل عدم السماح للشخص الواحد بشراء سوى عدد محدود من التذاكر الإلكترونية، وتحديد اسم مستخدم البطاقة وضرورة إصدار البطاقة الإلكترونية باسم المسافر نفسه وبمواصفات عالية غير قابلة للتزوير، ومطابقة اسم المسافر على البطاقة مع اسمه المثبت في جواز السفر.

كما طلب الفراية من شركة "جِت" إعادة تنظيم الخدمة الخاصة للمسافرين (VIP)، بأن تصبح خدمة إلكترونية، تُنظم من خلال الحجز الإلكتروني عبر المنصة، بدلًا من الحضور الشخصي إلى موقع الخدمة، بالإضافة إلى تأهيل مرافق هذه الخدمة وتسهيل إجراءاتها، بما يتوافق مع الهدف المنشود.

الداخلية الفلسطينية: على تواصل مستمر مع الأردن

أما المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية محمد التميمي، فقد أكد لموقع "الترا فلسطين"، أن العمل مستمر مع الجانب الأردني، وأن كل التفاصيل التي تم الإعلان عنها من قبل وزارة الداخلية الأردنية أو شركة "جِت"، من شأنها معالجة الأزمة، ولكن هذه الأمور تحتاج إلى وقت لأن الأعداد المتوافدة كبيرة، وكان أعداد من وصلوا الجسر مؤخرًا بالآلاف.

وردًّا على سؤالنا ما إذا كانت الخطوات المعلنة مجدية لحل الأزمة، ردّ التميمي أن "كل ما يتعلق بجسر الملك حسين هو شأن أردني وتخضع للجهات الأردنية المختصة، ولكن وزارة الداخلية الفلسطينية، منذ وصول شكاوى إليها من المواطنين، وهي تتابع وتتواصل مع الأردنيين، وأكدوا لهم أن كرامة المواطن الفلسطيني من كرامة المواطن الأردني، وعلى الفور تم اتخاذ جملة من الإجراءات، وهم على ثقة بقراراتهم".

وأكد التميمي على وجود آلاف العالقين عند جسر الملك حسين وفي الأردن، خاصة أننا في موسم الصيف وذروة التنقل، مضيفًا أن الأمر "يحتاج إلى جهود كبيرة من مختلف الأطراف، بما فيها الجانب الأردني، خاصة أنه خلال فترة الحرب تم تقليص ساعات العمل على المعبر".

وبيّن التميمي أن "هناك جهودًا تُبذل على أعلى المستويات لزيادة ساعات العمل على المعابر وتقليل هذا الازدحام"، معبرًا عن أمله بأن تنظم الإجراءات التي اتخذتها الأردن هذا العمل.

وبشأن اضطرار المواطنين إلى السفر عبر خدمة VIP رغم تكلفتها العالية، ردّ التميمي أن "كافة الشكاوى والملاحظات تم رصدها واستعراضها داخليًا ومناقشتها على أعلى المستويات من قبل الوزيرين الأردني والفلسطيني واللجان الفنية المشتركة، والذين تواجدوا بشكل شخصي على المعابر، وتم اللقاء بمسافرين عائدين من الأردن، والتواصل مع سائقي مركبات وعاملين، وكل هذه التفاصيل تم مناقشتها مع الجانب الأردني، وكان هناك استجابة سريعة وفاعلة".