بيسان

100 حالة في يعبد وحدها.. جيش الاحتلال ينهب أموال الفلسطينيين بالضفة الغربية

المصدر تقارير
100 حالة في يعبد وحدها.. جيش الاحتلال ينهب أموال الفلسطينيين بالضفة الغربية
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

شهدت الضفة الغربية، في الآونة الأخيرة، تصاعدًا في ظاهرة السرقة الممنهجة التي ينفذها جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال الاقتحامات اليومية لمنازل الفلسطينيين.

بلدية يعبد تؤكد أن 100 شكوى وردت من المواطنين حول سرقة مقتنيات تشمل أموالًا نقدية، مصوغًا ذهبيًا، هواتف، حواسيب، وساعات، وحتى هدايا.

لا تقتصر هذه السرقات على الأموال والمصوغات الذهبية، بل طالت حتى "حصالات الأطفال"، وسط تخريبٍ واسع واحتجاز الأهالي ومنعهم من مرافقة الجنود أثناء التفتيش، ما يمنح الجنود هامشًا واسعًا للعبث وسرقة الممتلكات دون رقيب أو حسيب.

وأكد مواطنون ومسؤولون وحقوقيون، في شهادات متطابقة لـ"الترا فلسطين"، على وجود نمط جديد وخطير في الاقتحامات العسكرية؛ يتخلله سرقة الأموال والمصوغات الذهبية بغطاء عسكري واضح.

يروي المواطن علي شولي من بلدة يعبد جنوب جنين أن البلدة تعرضت لاقتحام كبير قامت به قوات الاحتلال قبل أسبوع، وأن منزلهم الواقع في الجهة الجنوبية من البلدة على شارع "دوتان"، دومًا ما يتعرض للاقتحامات والتفتيش.

"لكن هذه المرة كان الاقتحام مختلفًا" يقول شولي لـ"الترا فلسطين"، حيث كان يتناول طعام العشاء في ساحة المنزل، بعد يوم متعب من العمل في الأرض، إذ فوجئوا باقتحام الجنود بصورة همجية فيها صراخ على أهل المنزل وتخريب لمحتوياته.

وأضاف شولي "تم احتجازي أنا وزوجتي وأطفالي في إحدى الغرف، وخلال التفتيش العنيف، عثر الجنود على بلوزة بلون عسكري، فاستدعاني الضابط ليسأل عنها. في تلك اللحظة، نظرت فوق التلفاز حيث كنت أضع 1750 شيقل من بيع محصول الدخان قبل يومين، ولم أجدها، وأدركت حينها أنهم سرقوها".

وتابع شولي، أنه بعد انسحاب الجيش، حاول الحديث مع الضابط المسؤول وسأله عن الأموال، فصرخ عليه وقال: "أسكت"، وأغلق الباب في وجهه. بحسرة يقول شولي: "أكثر ما أذاني في الحادثة كان الخوف الذي عاشه أطفالي، وليس فقط المال المسروق".

وعلى بعد عشرات الأمتار منه، تعرض منزل شقيقه علي للاقتحام أيضًا، مؤكدًا أنه "تعرض للسرقة خلال الاقتحام، حيث سرق الجنود منه 200 دولار، و1500 ريال قطري، و1500 ليرة تركية، إضافة إلى أوراق نقدية أردنية. بل وصل الأمر إلى سرقة حصالة الطفلة الصغيرة".

ويؤكد على ما تقدم به شولي رئيس بلدية يعبد أمجد عطاطرة، حيث يروي أن البلدة تعرضت لاقتحام واسع ومستمر ليوم ونصف، استخدمت فيه قوات الاحتلال أعدادًا كبيرة من الجنود والآليات العسكرية، وتم تحويل عدد من المنازل إلى ثكنات عسكرية، واقتحم الجنود يومها أكثر من 100 منزل.

وفي شهادة لـ"الترا فلسطين"، يؤكد عطاطرة أن التفتيش لم يكن لأسباب أمنية، بل استهدف الأماكن المتوقع وجود المال فيها، مثل غرف النوم والخزائن.

وكشف عطاطرة بأن أكثر من 100 شكوى وردتهم من المواطنين، أبلغوا عن سرقة مقتنيات تشمل أموالًا نقدية، مصوغًا ذهبيًا، هواتف، حواسيب، وساعات، وحتى هدايا. وتابع المسؤول المحلي "في بعض الحالات، تجاوزت المبالغ المسروقة 10 آلاف شيقل، وفي أخرى كانت بين 500 إلى 1000 شيقل".

كان عطاطرة هو الآخر واحدًا من بين هذه الحالات، قائلًا: "حتى منزلي لم يسلم، فقد سُرق منه 1600 شيقل من حقيبة صغيرة، إضافة إلى علب هدايا تحتوي على عطور وقداحات وعلب غاز. وخلال التفتيش، مُنعت من مرافقتهم أو التنقل بين الغرف، واحتُجزنا جميعًا في غرفة واحدة".

وفي نفس الفترة، تعرضت مدينة طوباس لاقتحام واسع. يروي المواطن فؤاد صوافطة لـ"الترا فلسطين"، ما جرى: "قبل أسبوعين، اقتحموا عمارتنا السكنية المكوّنة من ثلاثة طوابق في شارع الحاووز بطوباس، وفتشوها بالكامل بعد أن احتجزونا".

وتابع صوافطة: "كنت تلك الليلة أسهر مع أصدقائي في شقة فارغة لنا، وطلب أحد الجنود هوياتنا. وبعد انسحاب الجيش، لاحظت أن هويتي كانت مخبأة تحت السجادة، وبعد البحث اكتشفت أنهم سرقوا منها 750 شيقل".

"ليس هذا فحسب!"، يقول صوافطة، "كذلك، سرقوا 100 دينار و50 شيقل من بنطال والدي، ولم نحصل على أي ورقة مصادرة أو إشعار رسمي، ويبدو أنهم يفعلون ما يريدون دون محاسبة أو مراجعة، كما لحقت بنا أضرار مادية نتيجة التخريب المتعمد للممتلكات أثناء التفتيش".

كذلك، يروي الأسير المحرر من قرية كفر مالك شرق رام الله محمد سلامة، أن جيش الاحتلال اقتحم منزله أثناء وجوده في المسجد لأداء صلاة العيد، ويقول: "عند عودتي، كان الجنود قد بدأوا بتفتيش المنزل وسألوني إن كنت أملك أموالًا، لكنهم لم يجدوا شيئًا في جيبي. رغم ذلك، واصلوا التفتيش وعبثوا بكل شيء".

وتابع سلامة لـ "الترا فلسطين"، أن جنود الاحتلال سرقوا الأموال الموجودة في حصالة طفلته، وسرقوا ساعات ثمينة، بل وصادروا سيارته من نوع "فورد"، التي يبلغ سعرها نحو 45 ألف شيقل.

ويؤكد سلامة، "لم يقتصر الأمر عليّ فقط، بل اقتحموا منازل أسرى محررين آخرين في كفر مالك، وصادروا سيارة أخرى، وسألوا عن سيارة ثالثة لم تكن متواجدة، وأخبروا أصحابها أنهم سيعودون لأخذها، وما لا يقل عن 300 ألف شيقل تمت سرقتها أو مصادرتها من هذه المنازل بين أموال وذهب".

وفي السياق، يؤكد مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ساهر صرصور لـ"الترا فلسطين"، أن المركز وثق عشرات الشكاوى تتعلق بسرقة الجنود لممتلكات المواطنين من عدة مناطق في الضفة الغربية، أبرزها: يعبد، كفر مالك، والبلدة القديمة في نابلس.

وتابع صرصور أن السرقات لا تتعلق فقط بمبالغ كبيرة؛ بل في كثير من الأحيان تتم سرقة جزء من المال فقط، دون أي ورقة مصادرة، خلافًا لما كان يجري سابقًا.

وبحسب صرصور: "سابقًا، كان التفتيش يتم بحضور صاحب المنزل، أما الآن، يُحتجز السكان في غرفة، ويُترك الجنود يفتشون على راحتهم. من الواضح أن السرقات تجري كتصرفات فردية من الجنود، لكن بضوء أخضر من الضباط المسؤولين".

كما أكد الناشط الحقوقي على أن مركز القدس يعمل حاليًا على جمع الشهادات من المواطنين، لتقديمها قريبًا إلى المحاكم الإسرائيلية كملف قانوني لإثبات وجود هذه الظاهرة.