بيسان

في يوم العمال.. الاتحاد العام لنقابات العمال "الشرعي" لا يمثل العمال

المصدر تقارير
في يوم العمال.. الاتحاد العام لنقابات العمال "الشرعي" لا يمثل العمال
أنصار اطميزه

أنصار اطميزه

صحفية من الخليل

"أصحاب البدلات الفاخرة، والكلمات المحفوظة، والمقاعد الوثيرة… أما مخرجات المؤتمر، فقد غدت ضيعةً يتقاسمها أبناؤها، يتوارثونها كما يُورث اللقب والنسب، لا كما تُحمَل الأمانة"، هكذا علق عبد الله سويطي نقيب العاملين في شركة "جوَّال" على حسابه في موقع "فيسبوك"، على المؤتمر السابع لاتحاد نقابات فلسطين الذي عقد قبل أيام.

"اتحاد لا يمثل العمال"

وفي حديث مع عبد الله سويطي، قال إن هذا الاتحاد ومؤتمره "لا يمثل العمال، وهو قائم على بعض النقابات الوهمية بالأساس، دون أن ينطوي ضمنها قوائم عمال فعلية". وعلى سبيل المثال لا الحصر، بيَّن عبد الله سويطي أن نقابته التي تمثل نحو 1400 عامل غير مشاركة في المؤتمر، ولا يوجد من يمثلها، بينما يوجد نقابة فرعية ضمن الاتحاد (النقابة العامة للعاملين في البريد والاتصالات)، و"لا أحد يعرف من تمثل"، حسب قوله.

عبد الله سويطي: هذا الاتحاد ومؤتمره قائم على بعض النقابات الوهمية بالأساس دون أن ينطوي ضمنها قوائم عمال فعلية

وأضاف عبد الله سويطي أن الاتحاد العام للنقابات الفلسطينية هو الرسالة الفلسطينية النقابية التي تخرج للعالم، و"هي لا تمثلني أنا وأعضاء نقابة العاملين في جوال، وبالتالي فإن الانتخابات التي نتجت عن هذا المؤتمر هي انتخابات غير ممثلة أيضًا، فالجسم النقابي ليس وراثة أو ملكي، ولا يمكن توارثه بين الآباء والأبناء ولا أن يظل شخص واحد يترأسه لسنوات لأكثر من ربع قرن". 

يذكر أن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين عقد مؤتمره السابع في 5 نيسان/أبريل من العام الحالي، وقد أوصى المؤتمر "بالعمل ضمن إطار موحد من أجل تعزيز دور الحركة النقابية في تحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، والعمل اللائق للعمال، الأمر الذي يتطلب فرض قوانين وتشريعات خاصة للعمال".

وأعاد المؤتمر انتخاب شاهر سعد أمينًا عامًا للاتحاد، علمًا أنه يشغل هذا المنصب منذ 28 عامًا. ولم يتطرق خبر الانتخاب لأي تفاصيل أخرى تتعلق بمرشحين آخرين أمام سعد.

الناشط النقابي السابق رشاد جبران (متعطل عن العمل منذ تشرين/أكتوبر 2023) علم عن المؤتمر بالصدفة خلال تصفحه لمواقع التواصل الاجتماعي، ويقول إن مخرجات هذا المؤتمر "لم تُحقق أيًّا من تطلعات العمال، فعلى مدار أكثر من عام ونصف والعمال متعطلين عن العمل لم يلتفت لهم أحد، ولم يسع الاتحاد لتعويضهم أو محاسبة الاحتلال على تسريحهم من عملهم".

وبيَّن رشاد جبران أن النقابات الفرعية للعمال هي نقابات تحتوي على نحو 100 عامل فقط، "وهي لا تمثل الحجم الحقيقي للعمال في القطاعات المختلفة، وعليه فإنه حتى إن بلغت نسبة الحضور النصاب لإتمام المؤتمر والانتخابات، فإنها غير ممثلة، في ظل امتناع آلاف العمال عن الانتساب لهذه النقابات نتيجة لغياب الثقة بها".

ما يجعل الحديث عن تفاصيل هذا المؤتمر مهمًا، هو أن اتحاد نقابات عمال فلسطين يُعدُّ أحد الاتحادات الشعبية التابعة لمنظمة التحرير، وهذا يعطيه الحق بتمثيل عمال فلسطين ونقاباتهم دوليًا، لكن الطابع الغالب على هذا الاتحاد هو الحصرية الفصائلية التي تعكس حالة المنظمة منذ سنوات طويلة.

وجاء انعقاد هذا المؤتمر في مرحلة عصيبة على العمال الفلسطينيين عامة نتيجة الحرب على غزة والإغلاقات والعدوان على الضفة من جهة أخرى، ولذلك فقد كانت التوقعات أعلى لهذا المؤتمر بالذات. وعلق المحامي والباحث في الشؤون العمالية رامي محسن، وهو من قطاع غزة، أن مخرجات المؤتمر السابع لاتحاد نقابات عمال فلسطين "شكَّلت استنساخًا لتوصياتٍ عن السنوات السابقة، في وقت تتجه التطلعات نحو أن تكون التوصيات بمستوى الوضع الراهن المتمثل في إبادة العمال والمواطنين في قطاع غزة وتصاعد الاستيطان وسياسة الأبارتهايد في الضفة الغربية".

ورأى رامي محسن، أن مخرجات المؤتمر لم تتواءم مع التحديات التي تواجه العمال سواءً من الناحية الإنتاجية أو السياسية أو الوطنية، كما أن توصيات المؤتمر لم تذكر واقع العمل في قطاع غزة وما يتعرض له العمال هناك، حيث وصلت نسبة البطالة إلى 80 في المئة. 

من جانبها، أشارت مديرة جمعية المرأة العاملة أمل خريشة إلى أن انعقاد المؤتمر في هذا الوقت قد يكون مناسبًا من الناحية المبدئية لأهمية تعزيز الديمقراطية في الحركات الاجتماعية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني، لكن في السياق الفلسطيني المرتبط بسياق استعماري استيطاني، وبهجمة تستحدث وجود الشعب الفلسطيني، خاصة منذ السابع منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، فإن هذا يتطلب العمل الوحدوي بعيدًا عن الفئوية والمحاصصة.

ورأت خريشة أنه كان من الأولى على هذه النقابات أن تضغط على الحكومة لتخصيص مبالغ وميزانيات من أجل دعم ومساندة العمال في قطاع غزة ومخيمات شمال الضفة الغربية ودعم عائلاتهم، مع تجاوز البطالة الـ280 ألف عامل.

وأضافت أمل خريشة، أنه كان على النقابات الضغط على السلطة للتراجع عن سياساتها الاقتصادية القائمة على الاقتصاد الحر دون توفير الحماية الاجتماعية للفئات، والذهاب نحو اقتصاد تضامني انعتاقي تحرري، والدعوة إلى إطلاق مبادرات اجتماعية وصندوق طوارئ لدعم العمال.

وأضافت خريشة أن هذه النقابات كان عليها الضغط لتغيير هيكلية الموازنة العامة لدعم العمال، وأن تضغط على المستوى الدولي لمساءلة إسرائيل على جرائمها بحق الحركة العمالية في فلسطين.

أمل خريشة: الاتحاد بكل فروعه لا يمثل العمال في فلسطين، ولا يمثل الأرقام الحقيقية، ولا يمثل مصالح العمال، ولا يرتقي بمستوى طموحات الطبقة العاملة

وتؤكد خريشة أيضًا أن الاتحاد بكل فروعه لا يمثل العمال في فلسطين، ولا يمثل الأرقام الحقيقية، ولا يمثل مصالح العمال، ولا يرتقي بمستوى طموحات الطبقة العاملة، "وأكبر دليل على ذلك ظهور أجسام نقابية جديدة، وهو ما أسقط مقولة أن الاتحاد العام للنقابات هو الممثل الشرعي والوحيد للعمال الفلسطينيين"، وفق قولها.

ووصفت خريشة الانتخابات التي جرت في المؤتمر السابع بأنها انتخابات شكلية، "نظرًا لغياب التمثيل الحقيقي لكل الطبقة العاملة، وهذا انعكاس بنيوي طبيعي لحالة منظمة التحرير الفلسطينية التي يشكل الاتحاد إحدى مؤسساتها الشعبية المبنية على أساس فصائلي وليس ديمقراطيًا"، مشيرة إلى أن بقاء شاهر سعد على رأس الاتحاد 28 عامًا هو أكبر دليل على هذه "الفئوية والشمولية". 

انتخابات وإجراءات قانونية وفق النظام الداخلي.. ولكن 

في محاولة لمعرفة تفاصيل الانتخابات التي لم تخرج إلى العلن بعد، تحدثنا إلى وليد البايض مدير عام علاقات العمل في وزارة العمل الذي قال لـ الترا فلسطين، إن كافة إجراءات انعقاد مؤتمر العمال "سليمةٌ من الناحية القانونية، بما في ذلك النصاب الذي يتم اعتماده من الجلسة الأولى فقط كسائر مؤسسات منظمة التحرير".

وأضاف وليد البايض، أن وزارة العمل أشرفت على كافة الإجراءات بدءًا من الانتخابات الفرعية والوطنية للنقابات وصولًا إلى ترشيح أعضاء الأمانة العامة الذين فازوا بالتزكية في نهاية المطاف، وهم 18 عضوًا من الضفة الغربية، و9 من قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن جزءًا من هؤلاء الأعضاء مرشحون من فصائل منظمة التحرير، فيما يمثل الجزء الآخر ممثلين عن النقابات الفرعية.

وأكد البايض أن النظام الداخلي لا يضع قيودًا على إعادة الترشح لرئاسة الاتحاد، وهذا لا يمنع ترشح شاهر سعد أكثر من 7 مرات خلال 28 عامًا، مضيفًا أنه "بالرغم من أهمية ضخ دماء جديدة إلى الاتحاد، إلا أن وزارة العمل ليس بإمكانها فرض أي شيء على هذه النقابات، سوى التوصية التي يمكن الأخذ بها أو تجنب أخذها بعين الاعتبار". 

وأضاف أن وزارة العمل سعت منذ عام 2019 إلى تنظيم العمل النقابي، بما يضمن التعددية عبر مسودة قانون النقابات العمالية التي تم إنجاز 90 في المئة منها، لكن الأمر تعثر بسبب بعض التحفظات من قبل القطاع الخاص وقطاع نقابات العمال.

وليد البايض: وزارة العمل أشرفت على كافة الإجراءات بدءًا من الانتخابات الفرعية والوطنية للنقابات وصولاً إلى ترشيح أعضاء الأمانة العامة الذين فازوا بالتزكية في نهاية المطاف

من جانبه، قال محمد البدري، أحد أعضاء الأمانة العامة الذين فازوا بالتزكية في انتخابات نقابات اتحاد العمال، إن إعادة انتخاب شاهر سعد -كونه الوحيد الذي رشح نفسه كأمين عام للاتحاد- هو توجه متوافق عليه في الأمانة العامة، "لأن سعد يمتلك العلاقات والخبرة الطويلة في العمل النقابي العمالي، ولا يوجد لدى أي أحد من الأمانة العامة هذه الخبرة".

يُشار أن غالبية أعضاء الأمانة العامة لهذا المؤتمر هم نفسهم كانوا في المؤتمر/ات السابق/ة لولا تغيير بعض الأشخاص، أحدهم أصبح وزيرًا وآخر توفي وثالث من غزة تقدم باستقالته، وهؤلاء تم استبدالهم بأعضاء آخرين، حسب مصدر تحدث لـ الترا فلسطين.

وأكد المصدر، وهو من أحد أعضاء المؤتمر السابع، أن تكرار هذه الأسماء أو حتى تغييرها غير مُجدي، "لأن شاهر سعد ومكتبه الحركي هو من يهيمن على هذا الاتحاد، أما بقية الأعضاء في الأمانة العامة فهم أسماء فعلية لأفعال شكلية، ولا يملكون أي صلاحيات أو دور فعال بالاتحاد"، على حد تعبيره

"القضية ليست شاهر سعد بل في بنية الاتحاد"

من جانب آخر،  قال عضو آخر في المؤتمر السابع، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "المشكلة ليست في شاهر سعد، بل  في برنامج الاتحاد بشكل كامل وتشكيلته وبنيته على أساس فصائل منظمة التحرير". وأعرب عن اعتقاده بأن "التغيير بيد الجماهير خارج الاتحاد التي يفترض عليها الخروج إلى الشارع المطالبة بالتغيير، لأن الفصائل في الاتحاد تحظى بحصتها النقابية وهم راضون عن الاتحاد وأدائه، ولا يعنيهم التغيير، فلماذا تسعى للتغيير؟".

وتابع المصدر: "وبالتالي فإن تغير شاهر سعد دون تغيير البرنامج برمته سيعطينا شاهر سعد بعمر العشرينات ليس أكثر"، حسب قوله، مؤكدًا أن الأساس هو المطالب الجماهيرية بتغيير البرنامج والأساس الذي يقوم عليه الاتحاد ليكون ممثلًا حقيقيًا للطبقة العاملة في فلسطين.