بيسان

صور | مجزرة مدرسة دار الأرقم .. إسرائيل تواصل تحويل مدارس قطاع غزة إلى مقابر

المصدر تقارير
صور | مجزرة مدرسة دار الأرقم .. إسرائيل تواصل تحويل مدارس قطاع غزة إلى مقابر
محمد النعامي

محمد النعامي

محمد النعامي، صحفي من غزة

"طفلة ربما كانت في الثامنة من عمرها، شاهدتها وهي تستغيث وتصرخ ألمًا، والدماء تغطيها، وقد أطبق الركام على الجزء السفلي من جسدها. حاولت تخليصها، ولكنها كانت تحتضر، حتى فارقت الحياة، وأنا أنظر إليها، في كل مكان من أرجاء المدرسة كنت أسمع صرخات الألم، وأرى بكاء الثكالى، وأشتم رائحة الموت، وأكثر ما رأيته هو أشلاء الأطفال المتناثرة، والدماء التي صبغت حجارة المدرسة". كان هذا ما عايشه الشاب أحمد جندية، والذي كان بالقرب من مدرسة دار الأرقم، عندما قام الاحتلال باستهدافها بحزام ناري مكون من عدة صواريخ شديدة الانفجار، عصر الخميس 3 نيسان/أبريل 2025، ما خلف 29 شهيدًا على الأقل، من بينهم 18 طفلًا وامرأة ومسنًا، فيما بقي العديد من المفقودين تحت أنقاض المدرسة المدمرة، إضافة إلى أكثر من 100 مصاب بعض الإصابات بحالة حرجة، وجزء منها بحالات بتر في الأطراف.

وصل عدد مراكز الإيواء والمدارس الذي يستهدفها الاحتلال في أثناء وُجود النازحين فيها إلى 230 طوال الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزّة

واستهدف الاحتلال المدرسة في وقت كانت تكتظ فيه بالنازحين، حيث توافد العديد من سكان حي الشجاعية الذي أُنذر بالإخلاء، إلى المدرسة للإقامة فيها، حتى أن العديد من العائلات وضعت خيامها في الساحة الخاصة بالمدرسة، وهو ما يفسر العديد الكبير للشهداء والمفقودين والمصابين، نتيجة غارة الطائرات الحربية الإسرائيلية بالصواريخ المتشظية على المدرسة.

"الترا فلسطين" زار المدرسة المدمرة، ورصد معالم موقع المجزرة، حيث كانت الدماء تصبغ الحجارة والركام، وكانت أشلاء الشهداء متناثرة، في كل مكان، حتى الأشجار علق عليها أجزاء من أجساد الأطفال. إحدى المشاهد المؤثرة كانت لسيدة تحاول أن إزالة الركام، وتطلب من الحضور مساعدتها، وهي بحالة نفسية صعبة، وكان من الواضح أن فرص نجاة من تحت الأنقاض ضئيلة، ومع ذلك كانت تحاول رفع الحجارة رغم إصابتها، وهي تصرخ وتنادي بأسماء أطفالها. وتواصلت عمليات البحث عن المفقودين، رغم استمرار الحرائق داخل المدرسة، التي نتجت عن قوة الغارات الإسرائيلية. 

مجزرة مدرسة دار الأرقممجزرة مدرسة دار الأرقممجزرة مدرسة دار الأرقم

أحد شهود العيان على المجزرة كان أحمد جندية، الذي قال إنه كان أمام المدرسة عصر اليوم، وكان يبحث عن مكان يضع فيه خيمة لعائلته النازحة من حي الشجاعية، ولكن فجأة انهمرت عدة صواريخ طالت مباني المدرسة، حصل انفجارات ضخمة وقوية جدًا، ووجدت نفسي مغطى بخليط من الدماء والرماد، كانت هذه دماء الشهداء، الذين تناثرت أشلاؤهم في كل مكان.

وأضاف في حديث لـ "الترا فلسطين": "كنت في حالة ذهول من حجم القصف، كانت أجزاء من المدرسة تحترق وشاهدت جثثًا متفحمة، وشرعت في نقل المصابين للخارج، نقلت مجموعة من الأطفال بترت أطرافهم، وإصابات بليغة للغاية، وكنا نسرع خوفًا من معاودة الاحتلال قصف المدرسة، كما جرت العادة، حيث يعاود القصف عندما يتجمع السكان لمساعدة المصابين". وتابع جندية: "الأطفال والنساء الذين لم يصابوا بإصابات جسدية عاشوا حالة هلع وخوف شديدة جدًا، شاهدت أطفال في حالة صدمة نفسية؛ وهم يرون والدتهم التي استشهدت، لا كلمات من الممكن أن تصف هذا المشهد".

مجزرة مدرسة دار الأرقممجزرة مدرسة دار الأرقم

وأمام ثلاجات الموتى في المستشفى المعمداني، احتشدت عائلات الشهداء لتوديع ذويها، ولم يتوقف المستشفى عن استقبال جثامين الشهداء، والمصابين الذين توافدوا جراء سلسلة الغارات المركزة على مناطق شرقي مدينة غزة، في يوم دموي بلغت حصيلته قرابة 120 شهيدًا، ومئات المصابين.

السيدة أم حازم عطية، كانت من النازحين الذين لجأوا إلى مدرسة دار الأرقم، على إثر تدمير الاحتلال منزلها الواقع شرقي مدينة غزة، ومع قصف الاحتلال اليوم للمدرسة أصيب أبناؤها الثلاثة. وقالت لـ"الترا فلسطين"، إن القصف الإسرائيلي للمدرسة، تسبب بإصابة طفلها الأكبر إصابة خطيرة في بطنه، وهو يخضع لعمليات جراحية لإنقاذ حياته، كما أصيبت طفلتها في القدم، وهناك احتمال أي يقوم الأطباء ببترها، فيما أصيب طفلها الأصغر بإصابة طفيفة.

مجزرة مدرسة دار الأرقم

وأضافت: "تيتم أطفالي في هذه الحرب، حينما فقدوا والدهم، عندما ذهب ليحضر لهم طعامًا، وكان ضمن من استشهدوا في مجزرة الطحين عند دوار النابلسي غرب غزة، وعندما ظننا أن الحرب انتهت، وتأملنا أن شلال الدم توقف، وحاولنا أن نبدأ حياتنا من جديد، ولكن الموت عاد". وتساءلت أم حازم "إلى أين سنذهب؟ أنا الآن في ساحة المعمداني أنتظر انتهاء عملية ابني، ولكن بعدها أين سننام؟ لا نملك أي شيء، ولا حتى غطاء بسيط، ما الذي سيحمي هؤلاء الأطفال المصابين من البرد؟ كيف أطعمهم؟".

مجزرة مدرسة دار الأرقموصل عدد مراكز الإيواء والمدارس الذي يستهدفها الاحتلال أثناء تواجد النازحين فيها، 230

وتسبب استهداف الاحتلال للمدرسة في تشريد آلاف النازحين، الذين كانوا يتخذونها ملجأ لهم، فيما أتلف القصف ما كان يحتفظ به النازحون من مواد غذائية، في ظل المجاعة التي تعصف بقطاع غزة؛ نتيجة الحصار واستئناف حرب الإبادة.  وبعد قليل من مجزرة مدرسة دار الأرقم، استهدف الطيران الإسرائيلي مدرسة فهد القريبة؛ مما أسفر عن 3 شهداء كما قصفت أيضًا مسجدًا قرب مدرستي فهد ودار الأرقم في حي التفاح. ومع استهداف مدرستي دار الأرقم وفهد، وصل عدد مراكز الإيواء والمدارس الذي يستهدفها الاحتلال أثناء تواجد النازحين فيها، 230 مدرسة ومركزًا للإيواء، حيث ارتكب فيها مجازر دامية؛ خلفت آلاف الشهداء، جلهم من الأطفال والنساء.