بيسان

ترتيبات لإخلاء أصحاب البسطات لصالح خطط لمشاريع استثمارية مكان حسبة البيرة

المصدر تقارير
ترتيبات لإخلاء أصحاب البسطات لصالح خطط لمشاريع استثمارية مكان حسبة البيرة
أنصار اطميزه

أنصار اطميزه

صحفية من الخليل

يقف خيري جابر على بسطة الموز وسط حسبة البيرة في العراء تحت المطر والبرد والهواء، لا شيء يقيه منذ أن أحرق الاحتلال الحسبة في أيار/مايو من العام الماضي، بينما لا تزال آثار الحريق ورائحته في المكان، ويقول: "منذ احتراق الحسبة لم نرَ أي مسؤول يعزينا أو يعوضنا خسائرنا".

يصف أصحاب البسطات الحسبة الجديدة بأنها غير مؤهلة، ويرفضون نقل جزء منهم إليها وبقاء الآخرين في الحسبة الحالية

ليس ذلك فحسب، بل إن أصحاب البسطات، وفقًا لخيري جابر، اضطروا لتنظيف الحسبة "وحدهم وعلى حسابهم، وكانوا قد وضعوا مظلات من الصفيح (الزينكو) على حسابهم الخاص قبل سنوات". ويضيف جابر، أنه إضافة لكل ذلك، تطالب بلدية البيرة البائعين بإخلاء الحسبة والانتقال إلى ساحة أخرى تقول إنها أعدتها لها بالقرب من المكان (موقف الحافلات سابقًا)، مبينًا أن بلدية البيرة منعتهم من "ترميم" الحسبة ووضع "الزينكو" من جديد، للضغط عليهم للانتقال، وفق قوله.

خيري جابر

وكان جيش الاحتلال قد تسبَّب باندلاع حريق كبير في حسبة البيرة، عندما ألقى جنوده، بتاريخ 30 أيار/مايو 2024، قنابل غاز على المنطقة، ما أدى لاشتعال النيران في الحسبة ومجمع البيرة التجاري، وقد أتت النيران على أكثر من 100 محل تجاري وبسطة في المجمع التجاري، وأدت لإتلاف نحو 100 بسطة خضار وفواكه وملابس وأحذية وحلويات وأدوات منزلية وغيرها.

حسبة جديدة غير مؤهلة

ويؤكد خيري جابر -الذي أجرينا المقابلة معه تحت المطر- أن لا مشكلة لديه في الانتقال للموقع الجديد لحسبة البيرة، شريطة توفير المرافق اللازمة والمظلات التي تقيهم من الشتاء والصيف، مع إلزام جميع البائعين بالانتقال وعدم اقتصار النقل على البائعين الذين توجد بسطاتهم في المنطقة التي احترقت.

من جانبه، عبَّر أبو فادي الدبعي، عن المخاوف ذاتها من أن ينتقل بعض البائعين للمكان الجديد غير المؤهل، وفق قوله، بينما يتم الإبقاء على البائعين الآخرين. تحدث إلينا الدبعي وباله مشغول بالمارين لعل أحدهم يكون زبونًا له، ولا يريد للمقابلة أن تحول دون ذلك، "فمنذ الحرب على غزة والحال ضائقة والبيع يتناقص يومًا بعد يوم، إلى أن أحرق الاحتلال الحسبة وتكبد البائعون خسائر قُدرت بمئات آلاف الشواقل"، وتكبد الدبعي وحده نحو 10 آلاف شيقل، لتتوج هذه الخسائر بأمر النقل ومنع الترميم للحسبة.

بسطات الحسبة في البيرة

الأوقاف: اتفاق شفوي بتأجير الحسبة

وتعود ملكية الأرض التي احترقت لوزراة الأوقاف، وكانت قد أجَّرتها لنادي اسلامي رام الله منذ العام 1996 كموقف سيارات، لكن بعد أن بنت البلدية موقفًا للسيارات العمومية في عام 2000، تحولت إلى حسبة البيرة المعروفة وأحد المعالم الرئيسية للمدينة، وبقيت تحت إدارة نادي اسلامي رام الله الذي يتقاضى أجرة البسطات (نحو 20 إلى 50 شيقل من كل صاحب بسطة يوميًا)، بينما يدفع النادي للأوقاف 2000 دينار شهريًا، وفقًا لما أفادنا به نادي إسلامي رام الله.

ويقول الوكيل المساعد لأوقاف رام الله والبيرة، محمود حمد، إن اتفاقًا "شفويًا" بين الأوقاف ونادي إسلامي رام الله منذ نحو 30 عامًا يقضي بإدارة النادي للموقف الذي تحول للحسبة فيما بعد، مشيرًا إلى أن الأوقاف لا تتقاضى إيجاره، وإنما تتقاضى ما أسماه بالأمانات، "وهناك إشكاليةٌ بين والأوقاف وإدارة الموقف (نادي إسلامي رام الله) منذ سنوات طويلة، وقضايا عالقة في المحاكم"، أضاف حمد لـ الترا فلسطين.

نادي إسلامي رام الله : الاحتلال صادر عقد الإيجار

وحين طالبنا مدير نادي إسلامي رام الله، عامر مطور، بنسخة من عقد الإيجار، أفاد بأن الاحتلال كان قد اقتحم مبنى النادي عام 2003 وصادر كل ما فيه من أوراق ووثائق بما فيها عقد الإيجار، وتساءل: "إذا كان الاتفاق شفويًا، كيف تأخذ الأوقاف الأجرة شهريًا وتعطينا وصل قبض؟"، غير أنه رفض إعطاءنا ولو نسخة واحدة من وصولات القبض.

وأضاف عامر مطور أن نقل أصحاب البسطات لصالح البائعين، كونهم ينتقلون لمكان أفضل وبخدمات أفضل، وأن المسؤولية تقع على عاتق البلدية في توفير مرافق المكان الجديد.

بلدية البيرة: الحريق هو السبب

وسط هذه الإشكاليات في الملكية والإيجار تقول بلدية البيرة، إنها هي من طلبت من البائعين الانتقال، بعدما جهَّزت مكانًا في شهر حزيران/يونيو 2024 بمظلات "شوادر" توائم الجو الصيفي، كما أنشأت ثلاثة "حمَّامات"، وكان من المفترض أن تُنشئ مظلات من الزينكو للشتاء بتكلفة مليون شيقل في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، غير أنَّ عدم انتقال البائعين حال دون ذلك، وتم إيقاف مشروع المظلات، وفقًا ليوسف البابا، القائم بأعمال مدير دائرة الهندسة في بلدية البيرة.

تقول بلدية البيرة إنها جهَّزت مكانًا بمظلات "شوادر" توائم الجو الصيفي، كما أنشأت ثلاثة "حمَّامات"، وكان من المفترض أن تُنشئ مظلات من الزينكو للشتاء بتكلفة مليون شيقل غير أنَّ عدم انتقال البائعين حال دون ذلك

وبهذه الحال، فإن البائعين أضحوا بلا مظلات منذ أكثر من 9 أشهر في الحسبة القديمة، وتوقف مشروع إنشاء مظلات في مكان الحسبة الجديدة، بينما يقول يوسف البابا إن الشركاء (الغرفة التجارية ومحافظة رام الله والبيرة) يسعون لصياغة اتفاق يرضي كل الأطراف.

وأوضح البابا لـ الترا فلسطين، أن الهدف من نقل الحسبة هو  تنظيم الأسواق وفقًا لمخططات البلدية، إذ إن هذه البسطات تغلق الشوارع والطرق بين العمارات بشكل عشوائي، و"الحريق الذي أشعله الاحتلال في المنطقة لم يكن له أن يتطور بهذا الشكل لولا وجود البسطات التي منعت الدفاع المدني من إخماد الحريق بشكل جيد، فبدلًا من أن يتم إخماد الحريق خلال ساعات استمر الأمر أيام".

حسبة البيرة

الأوقاف: مخطط استثماري مكان الحسبة

وفي الوقت الذي نفى فيه يوسف البابا أي خطط للبلدية لإنشاء مشروع استثماري مكان الحسبة، فإن الوكيل المساعد لأوقاف رام الله والبيرة محمود حمد يؤكد أن لجنة متخصصة قدمت رؤية للتطوير والاستثمار في مركز المدينة، بما فيها الحسبة، وأن هذه اللجنة  مكونةٌ من محافظة رام الله والبيرة وبلدية البيرة والأوقاف، وقد وصلت إلى مرحلة متقدمة عبر لقاءاتٍ واجتماعاتٍ في الأعوام السابقة لكن جائحة كورونا عطَّلت التقدم قليلًا.

في الوقت الذي نفى فيه يوسف البابا أي خطط للبلدية لإنشاء مشروع استثماري مكان الحسبة، فإن الوكيل المساعد لأوقاف رام الله والبيرة محمود حمد يؤكد أن لجنة متخصصة قدمت  رؤية للتطوير والاستثمار في مركز المدينة، بما فيها الحسبة

واستدرك حمد بأن هناك نية لإعادة تفعيل هذه اللجنة من جديد، لاستكمال ما بدأت التخطيط له بمجرد أن تتحسن الظروف الحالية، مشيرًا أن لا علاقة لحريق الحسبة في الموضوع.

وبيّن محمود حمد، أن الهدف من المخطط هو إحياء المنطقة والاستثمار فيها، حيث أنها مساحة شاسعة وتتداخل فيها الأراضي والملكيات بين الأوقاف وبلدية البيرة، ولا بد من استغلالٍ أمثل لهذه المساحة، مضيفًا أن اللجنة المختصة وضعت تصورًا حول كيفية استغلال هذه المساحة، كلٌّ حسب نسبة مساحته وملكيته.

من جانبه، يقول عامر المطور، إنه في حال إنشاء أي مشروع استثماري مكان الحسبة فإن لنادي إسلامي رام الله الحق في موقف السيارات أسفل هذا المشروع، وفقًا لاتفاق الإيجار مع وزارة الأوقاف.

وبينما تتضارب المصالح والأهداف من نقل حسبة البيرة، ما يزال العشرات من  باعة الخضار وأصحاب البسطات تحت المطر والبرد حتى إعداد هذا التقرير، ولا بديل أمامهم سوى الانتظار.