في الوقت الذي يدور فيه خلاف بين الحكومة الفلسطينية والجهاز المصرفي ممثلًا بجمعية البنوك الفلسطينية، بشأن ما سيُخصم من مستحقات الموظفين العموميين، فيما لو وصل قرض من الاتحاد الأوروبي، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قرارًا بقانون لتنظيم آجال القروض وأقساطها، ودفعات التأجير التمويلي.
الرئيس عباس يصدر قانونًا لتنظيم آجال القروض وأقساطها، وسط خلاف بين الحكومة الفلسطينية والبنوك حول مستحقات الموظفين، ما أدى لتأجيل قرض الاتحاد الأوروبي
ويعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم حزمة دعم ماليّ للحكومة الفلسطينية (شبكة آمان) بقيمة 2.7 مليار يورو، شريطة تنفيذ إصلاحات، لسداد نفقات مترتبة على الحكومة، ومن بينها تسديد كامل مستحقات الموظفين المترتبة على الحكومة.
وكان عضو الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة مؤيد عفانة قد صرح لـ "الترا فلسطين"، بأن الحكومة واصلت دفع رواتب غير مكتملة للموظفين، وتراكم عليها أكثر من مليار ونصف مليار دولار، أي حوالي 5.5 مليار شيقل، ومن المتوقع أن يتواصل دفع الرواتب مجتزأة.
وعلم "الترا فلسطين" من مصادر، أن الاتحاد الأوروبي علّق قرضه بسبب خلاف بين الحكومة ممثلة بوزارة المالية والقطاع المصرفي ممثلًا بجمعية البنوك، إذ تريد البنوك اقتطاع جميع مستحقاتها من أقساط القروض المتراكمة على الموظفين، فيما ترفض وزارة المالية ذلك.
وأضافت المصادر، أن جمعية البنوك أبلغت الحكومة بقرارها أخذ كل مستحقات الموظفين، وبسبب هذا الخلاف أرجأ الاتحاد الأوروبي صرف القرض، حتى يتم الاتفاق بين الحكومة والبنوك.
وفي سياق ذلك، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قرارًا بقانون لتمكين سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال من إصدار تعليمات ملزمة للبنوك ومؤسسات الإقراض المالي وشركات التأجير التمويلي، بشأن تمديد فترات السداد وإعادة هيكلة الديون والأقساط المستحقة، وتحديد أسعار الفائدة، وتكلفة التمويل التأجيري.
بحسب الوكالة الرسمية، فإن القرار سيُمكّن سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال من إصدار تعليمات ملزمة للبنوك ومؤسسات الإقراض المالي وشركات التأجير التمويلي، بشأن تمديد فترات السداد وإعادة هيكلة الديون والأقساط المستحقة، وتحديد أسعار الفائدة، وتكلفة التمويل التأجيري. pic.twitter.com/8pGBJ3ZGDk
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) January 16, 2025
ويهدف القرار بقانون، لتنظيم العلاقة بين هذه المؤسسات المالية، والمقترض، لتخفيف الأعباء المالية الملقاة على المواطنين والمؤسسات المالية على حد سواء، وبما يسهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في ظل الظروف الاستثنائية، بحسب ما جاء في خبر إصدار القرار بقانون بهذا الشأن، والذي نشرته الوكالة الرسمية.
وتعليقًا على القرار بقانون الصادر عن الرئيس عباس، قال محاضر الاقتصاد في الجامعة العربية الأميركية نصر عبد الكريم لـ "الترا فلسطين"، إن القرار بقانون لا يضيف الكثير من الناحية العمليّة، لكنه يوفّر غطاءً قانونيًا إلزاميًا في موضوع إعادة جدولة أو هيكلة الديون المترتبة على المواطنين في حالتهم التعاقدية مع البنوك أو مع شركات التمويل الأخرى.
خبير الاقتصاد، نصر عبد الكريم: القرار بقانون يوفر غطاءً قانونيًا إلزاميًا في موضوع إعادة جدولة أو هيكلة الديون المترتبة على المواطنين
وأضاف عبد الكريم أن مسؤولية الترتيب وإعادة الهيكلة منوطة بالمؤسستين الرقابيتين (سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال)، والجدولة وإعادة الهيكلة وتمديد فترات السداد كانت تحدث في السابق، ولكن برضى الطرفين، ووفق إرشادات وتعليمات غير ملزمة تصدرها سلطة النقد، كما كان يجري في أزمات كورونا والعدوان على غزة واقتطاع المقاصة، إذ تتم إعادة جدولة وترحيل أقساط وإعادة هيكلة الديون بشكل طوعي، أما اليوم فصارت سلطة النقد تتحمل بشكل أساسي مع هيئة سوق رأس المال، وهذا مكمل لدورها، الذي جاء في قانون المصارف وقانون سلطة النقد وقانون هيئة سوق رأس المال.
بالتالي، حسب عبد الكريم، فإن هذا القرار بقانون أضاف طابعًا تشريعيًا لتعليمات سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال. ونوّه إلى أن البنوك ربما كانت لا تلتزم لأسباب داخلية بالتعليمات المتعلقة بالاقتطاع في السابق، ولكن القرار هذه المرّة جاء تأكيدًا على دور سلطة النقد، ومنحها صفة إجبارية وقوة مركزية تجاه إلزام البنوك بأي تعليمات تصدر بهذا الصدد.
وعلم "الترا فلسطين"، أنّ الحكومة برئاسة محمد مصطفى، وفيما تنتظر صرف قرض الاتحاد الأوروبي، توجهت للقطاع المصرفي لأخذ قرض آخر بقيمة 2 مليار شيقل، إلا أن الجهاز المصرفي رفض دفع قرض بهذا المبلغ، لاسيما وأن الحكومة يترتّب عليها التزام بقرض سابق منذ زمن حكومة محمد اشتية بقيمة 1.4 مليار شيقل، وعليها جدولة شهرية لهذا القرض بقسط شهري يبلغ حوالي 105 مليون شيقل، وسبق وأن أخذت تسهيلات إضافية في تمديد فترة السداد وتقليل قيمة القسط الشهري.
وتعليقًا على قرض الاتحاد الأوروبي، قال عبد الكريم "لا أظن بأنه سيتوفر قرض أو شبكة أمان من الاتحاد الأوروبي، فالسلطة الفلسطينية تنتظر برنامج دعم للسنوات الثلاثة القادمة، وهو بحدود 2 مليار يورو ويجب أن يتم إقراره في شهر نيسان/أبريل القادم وفق إجراءات قانونية وإدارية في الاتحاد الأوروبي".