بيسان

ازدحاماتٌ مروريةٌ بقرار سياسي.. الاحتلال يبدأ فرض واقع جديد في الضفة الغربية

المصدر تقارير
ازدحاماتٌ مروريةٌ بقرار سياسي.. الاحتلال يبدأ فرض واقع جديد في الضفة الغربية
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

تشهد شوارع الضفة الغربية هذه الأيام ازدحامات مرورية، وإغلاقات خانقة، وسط تأكيد إسرائيلي بأن هذه الإغلاقات هي ثمرة قرار سياسي صدر مع وقف إطلاق النار في غزة.  

الإجراءات الإسرائيلية بعد وقف إطلاق النار في غزة تستند إلى مبدأ أن حرية التنقل في الضفة الغربية حقٌ أساسيٌّ للمستوطنين في المقام الأول

وتؤكد مصادر محلية أن جيش الاحتلال أغلق البوابات الحديدية المقامة على مداخل قرى وبلداتٍ في الضفة الغربية، خاصة شرق رام الله، عدا عن إغلاق مداخل أخرى بمكعبات اسمنتية، كما حدث عند مدخل بلدة بيرزيت شمال رام الله، الذي يخرج منه المواطنون باتجاه الطريق المؤدي لشمال الضفة الغربية من جهة، وشمال غرب رام الله من جهة أخرى.

ومع التشديدات في الريف، شدَّد جيش الاحتلال من إجراءات التفتيش والتضييق على الحواجز العسكرية الدائمة بين المحافظات، ما فاقم الأزمة، وأدَّى إلى تقطُّع السُّبل بمئات المواطنين الذين بقوا لساعات طويلة على الحواجز دون أن يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم.

ويوضح الباحث المتخصص في قضايا الاستيطان، سهيل خليلية، أن جيش الاحتلال نصب منذ بداية الحرب على غزة أكثر من 350 بوابة حديدية في مناطق متفرقة بالضفة الغربية، وبالتالي فقد وصل عدد العوائق في الضفة الغربية إلى 950 عائقًا، ما بين حواجز عسكرية وإغلاق بالسواتر الترابية والمكعبات الاسمنية والبوابات الحديدية.

وبيّن سهيل خليلية، أن جزءًا كبيرًا من هذه البوابات أضيفت في مناطق لا تصنف أنها مناطق رئيسية، بل تقع في الأرياف، واللافت أن بينها بواباتٌ كهربائيةٌ يتم التحكم بها عن بعد.

وبحسب القناة الـ14 الإسرائيلية، فإن هذه الإجراءات تندرج  ضمن "سياسة القبضة الحديدية" التي أقرها "الكابينيت" يوم الجمعة الماضي.

وترافقت هذه الإغلاقات مع تصعيد حملات الاقتحام والاعتقال، فقد اقتحم جيش الاحتلال بلدة عزون شرق قلقيلية، وأظهرت صورٌ احتجاز عشرات الشبان وإجبارهم على الاستلقاء على بطونهم أرضًا. وعلق المراسل العسكري للقناة، هليل بيتون، على الصور الواردة من عزون، قائلاً:"هذه ليست جباليا، إنها عزون في الضفة الغربية. ما نشاهده هنا هو تنفيذ لسياسة القبضة الحديدية التي أقرها الكابينيت. وقد قامت كتيبة شمشون، التابعة للواء كفير، بتنفيذ هذه الإجراءات تحت قيادة اللواء نوتين شماكا، حيث قررت التعامل بيد من حديد".

وأضاف بيتون: "سياسة القبضة الحديدية لن تقتصر على عزون فقط، بل سنشهد تطبيقها في جميع أنحاء الضفة الغربية خلال الساعات والأيام المقبلة". وبالفعل، شهدت ليلة الثلاثاء وحتى ساعات الصباح الباكر، اعتقال جيش الاحتلال أكثر من 30 شخصًا من ضاحية شويكة في طولكرم، وبلدة بيت فوريك قضاء نابلس، وبلدة إذنا غرب الخليل.

من جانبه، قال المحلل العسكري للقناة الـ14، نوعام أمير، إن الجيش الإسرائيلي أدخل تغييرات كبيرة في طريقة انتشاره بالضفة الغربية خلال الساعات الأخيرة، مبيّنًا أن هذه التغييرات تشمل تشديد الحواجز وتكثيفها، استجابة لضغوط الوزير المسؤول عن الإدارة المدنية داخل وزارة الجيش. وأضاف أمير: "هذه التغييرات تستند إلى مبدأ أن حرية التنقل في الضفة الغربية حق أساسي للمستوطنين في المقام الأول".

والضغوط التي يتحدث عنها أمير، قام بها سموتريتش في اجتماعاته مع نتنياهو خلال الأيام الماضية، مقابل عدم إسقاط الحكومة ردًا على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة.

وأوضحت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن الجيش الإسرائيلي عزز قواته في الضفة الغربية مؤخرًا بإضافة 7 سرايا تم توزيعها على مختلف القطاعات، مبينة أن هذه التعزيزات جاءت لمواجهة ما وصفتها "رغبة حركة حماس في تنفيذ هجمات ضد الأهداف الإسرائيلية".

ويعلق سهيل خليلية لـ الترا فلسطين على التقارير الإسرائيلية مبينًا أنه إشارة على أن الإسرائيليين يستعدون لعملية في الضفة الغربية، ونقل الثقل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية لإعادة ترتيب الأوضاع جغرافيًا في الضفة الغربية.

وبالفعل، قبل مرور 48 ساعة على الشروع بهذه الإجراءات، أطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية كبيرة في مدينة جنين ومخيم جنين، وقال إن هذه العملية لن تكون شبيهة بسابقاتها، بل أعنف وأوسع، وقد أسفرت في الساعات الأولى منها عن ارتقاء 8 شهداء وإصابة أكثر من 35 آخرين.

ويقول خليلية: "من الواضح أن ما يجري يهدف لإضافة جغرافيا جديدة وشبكة طرق جديدة وتحركات جديدة بالضفة الغربية على غرار ما جرى في عام 2000 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث نتجت طرق جديدة في الضفة الغربية، وتحركات وإجراءات جديدة، وهذا هو المتوقع اليوم".

سهيل خليلية: إسرائيل تحاول فرض نظام إداري جديد في الضفة الغربية، يشبه العودة إلى نظام حكم الإدارة المدنية في المناطق خارج التجمعات "أ"، "ب"

ويوضح خليلية، أن "إسرائيل" تستغل الوضع الحالي لتكريس فصل المحافظات الفلسطينية عن بعضها وإبعادها قدر الإمكان، مضيفًا أن "الفصل لا يكون بين المحافظات فقط، بل بين كل محافظة والقرى والبلدات التابعة لها، وبالتالي فإن العزل يتم بين مركز المدينة والقرى المحيطة بها، وهذا يشير إلى دفع نظام إداري جديد في الضفة الغربية".

وهذا النظام الإداري الجديد، بحسب سهيل خليلية، يشبه العودة إلى نظام حكم الإدارة المدنية في المناطق خارج التجمعات "أ"، "ب"، مؤكدًا أن هذا "يتناسب مع رواية الضم لمناطق كثيرة في الضفة الغربية".