بيسان

قرية النعمان.. صراعٌ على الهوية والبقاء مع بلدية الاحتلال في القدس

المصدر تقارير
قرية النعمان.. صراعٌ على الهوية والبقاء مع بلدية الاحتلال في القدس
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

فوجئ المهندس محمد درعاوي، بعد عودته من العمل إلى منزله في قرية النعمان شرق مدينة بيت لحم وسط الضفة الغربية، بوجود إخطار من بلدية الاحتلال في القدس معلقًا على باب المنزل، ينذره بضرورة ترخيص المنزل وإلا فإنه سيُهْدَم.

بعض المنازل التي تلقت إخطارًا بالهدم موجودة قبل إنشاء "دولة إسرائيل"، وبعضها قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.

والإخطار الموجَّه لمحمد درعاوي، علَّق الاحتلال مثله على كافة منازل قرية النعمان، ما يعني تهديد القرية بأكملها بالهدم، وبالتالي تنفيذ عملية تطهير لأهلها مجتمعين.

يقول محمد درعاوي لـ الترا فلسطين، إن شرطة الاحتلال وطواقم بلدية الاحتلال في القدس وطواقم التنظيم التابعة للإدارة المدنية اقتحموا القرية، وعلقوا إخطارات الهدم على جميع منازلها بحجة البناء بدون رخصة، ومنحوهم مهلة لعدة أيام من أجل الاعتراض وتقديم الأوراق الثبوتية والملكيات والرخص، مشيرًا إلى أن منزله موجود قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، ويعيش فيه مع زوجته وأبنائه الأربعة، وهو ليس المنزل الوحيد الموجود قبل الاحتلال في القرية.

وأوضح درعاوي، أنه بعد اتفاق أوسلو ضُمَّت الأراضي في قرية النعمان لبلدية الاحتلال في القدس، التي شرعت بملاحقة أهل القرية وطلبت منهم إعداد مخطط هيكلي، "لكنَّ ما يجري اليوم ليست إجراءات قانونية، وإنما سياسية لتهجير الفلسطينيين من الأرض، من أجل توسيع مستوطنة جبل أبو غنيم، مستغلّين الانشغال بالوضع في قطاع غزة".

قرية النعمان
إخطار هدم على أحد منازل قرية النعمان - خاص الترا فلسطين

وقال درعاوي: "نأخذ الخدمات الماء والكهرباء من السلطة الفلسطينية ومع ذلك شرعوا منذ عام 2019 بتوزيع أوامر بدفع ضريبة الأرنونا، وتم نقل هذا الملف إلى المحاكم الإسرائيلية في عام 2022، حتى أجبرنا على الدفع". و"الأرنونا" هي الضريبة التي تجبيها "إسرائيل" عن المنازل من "سكان دولة إسرائيل"، بما في ذلك أهل القدس والفلسطينيين داخل الخط الأخضر مقابل الخدمات التي تصل لهذه المنازل.

ويشير درعاوي أن اجتماعًا عُقد في المجلس القروي على أثر صدور إخطارات الهدم، وتم التواصل مع محام من القدس ومراسلة الجهات الرسمية لمتابعة الملف.

من جانبه، أوضح المحامي داوود درعاوي، عضو نقابة المحامين الفلسطينيين، الذي يملك مع عائلته 3 منازل في القرية يعيش فيها 13 فردًا، وقد أخطرت كلها بالهدم، بالقول: إن أحد هذه المنازل موجودٌ في القرية منذ ثلاثينات العام الماضي، أي قبل إنشاء "دولة إسرائيل"، والثاني منذ عام 1962، أي قبل احتلال الضفة الغربية، بينما المنزل الثالث أقيم عام 1971.

قرية النعمان
حجر بناء حُفر عليه تاريخ بناء أحد منازل قرية النعمان عام 1965 أي قبل احتلال الضفة الغربية - خاص الترا فلسطين

ويوضح داوود درعاوي لـ الترا فلسطين، أن ما يجري في قرية النعمان ليس بجديد، وإنما الحصار والهدم يعود إلى عام 1984؛ عندما ظهرت في المشهد بلدية الاحتلال في القدس، وهدمت أول منزلين في القرية، واستمرَّ الموضوع حتى تم بناء جدار الفصل العنصري على أراضي القرية.

وبعد بناء الجدار تم التعامل مع أهل قرية النعمان على أنهم "سكان غير شرعيين" بحسب درعاوي، بزعم أنهم يعيشون داخل حدود "بلدية القدس" ويحملون الهوية الخضراء الخاصة بالفلسطينيين في الضفة الغربية، وقد فُرِضَت ضريبة "الأرنونا" على الأهالي، ونفذوها عبر دائرة الإجراء في المحاكم الإسرائيلية، وضغطوا عليهم لدفعها.

وبعد إصدار إخطارات الهدم، مُنِحَت فرصة للسكان لإعداد تنظيم للمنطقة، وأخذ تراخيص من بلدية الاحتلال في القدس، "لكنَّ هذا الموضوع أكبر من قدرات القرية، خاصة مسألة عمل مخطط هيكلي وتنظيمي، إذ إن القرية مصنفةٌ منطقةً خضراء امتدادًا لجبل أبو غنيم"، وفقًا لداوود درعاوي.

وأكد درعاوي أن هذا الملف بحاجة إلى تدخل مباشر ودعم من السلطة الفلسطينية، "فالموضوع سياسيٌ وليس قانونيًا ولا منفصلًا عن سياسة الاحتلال بضم مناطق شرق بيت لحم والمناطق المحاذية للجدار، وبعضها مناطق مصنفة -ب- في محافظة بيت لحم".