بيسان

الفئران تغزو خيام النازحين في قطاع غزّة.. تحذيرات من انتشار الأمراض والأوبئة

المصدر تقارير
الفئران تغزو خيام النازحين في قطاع غزّة.. تحذيرات من انتشار الأمراض والأوبئة
عبد الكريم السموني

عبد الكريم السموني

صحفي من قطاع غزة

يعيش مئات الآلاف من النازحين في مختلف مناطق قطاع غزّة معاناة مضاعفة؛ بسبب الانتشار الكبير وغير المسبوق للفئران في محيط خيام النزوح، الّتي باتت تغزو خيامهم خاصّة مع دخول فصل الشتاء، وسط تحذيرات من انتشار العديد من الأمراض الفيروسيّة الّتي تسبّبها هذه القوارض.

وتتكاثر القوارض مع تراكم النفايات في الشوارع العامّة وبالقرب من خيام النازحين، وطفح مياه الصرف الصحّيّ، وذلك مع انعدام عمل البلديّات في مكافحة هذه القوارض، نتيجة استمرار الحرب والاستهداف الإسرائيليّ المتواصل لبلديّات القطاع وكوادرها.

تواجه العائلات النازحة في الخيام، من أزمة انتشار الفئران في المخيمات، نتيجة تراكم النفيات وانعدام بنية الصرف الصحي

ويعاني النازح ماجد السموني (40 عامًا) من الانتشار الكبير للفئران في خيمته ومحيطها، خاصّة خلال ساعات الليل، إذ تقفز على أطفاله خلال نومهم، مسبّبة لهم حالة من الخوف والذعر.

ويقول السمّوني لـ "الترا فلسطين"، ما أن تبدأ ساعات المساء حتّى نبدأ في سماع أصوات الفئران الّتي تقضم أطراف الخيمة، وتحدث فيها فتحتات صغيرة وتتسلّل عبرها، بالإضافة إلى حفر الأرض في محيطها.

وأضاف السمّونيّ، لا تكتفي الفئران بحفر ممرّات أسفل أرضيّة الخيمة، بل وتتسلّل بعد ذلك إلى الصناديق الكرتونيّة الّتي أضع بها ملابس أطفالي والموادّ الغذائيّة، وتقضم الملابس وتتلفها، كما تنهش وتتلف الموادّ الغذائيّة.

ويتابع السمونيّ، حاولت بشتّى الطرق محاربة الفئران، لكن تبيّن لي أنّ "أعدادها كبيرة، وتتكاثر بصورة تجعل من المستحيل القضاء عليها".

مشكلة انتشار الفئران دفعت العديد من النازحين إلى صناعة مصائد بأحجام وأشكال متعدّدة وأفكار وأدوات بسيطة، وعرضها للبيع في الشوارع والأسواق العامّة لمساعدة النازحين ولتحقيق عائد مادّيّ يساعدهم على تدبير احتياجاتهم.

فئران في غزة
مصيدة فئران في أسواق قطاع غزة | ألترا فلسطين

"خوف وفزع"

النازحة نسرين عاطف (45 عامًا)، الّتي تعيش في خيمة في دير البلح، لجأت إليها بعد نزوحها من مدينة غزّة، تعاني هي الأخرى من انتشار الفئران داخل خيمتها، الأمر الّذي خلق لديها حالة من الفزع والرعب كونها تعاني أصلًا من رهاب الحشرات والفئران.

وقالت نسرين في حديثها لـ "الترا فلسطين"، اكتشفت وجود الفئران داخل خيمتي بعدما شاهدت فضلاتهم على أحد الرفوف الّتي نضع عليها طعامنا، وحاولت في بداية الأمر إقناع نفسي بأنّ هذه الفضلات لا تعود إلى الفئران، قبل أن يخبرني طفلي بأنّه شاهد فأرًا يركض في إحدى زوايا الخيمة.

وتتابع، في اليوم التالي تفاجأت بأنّ الفئران قضمت بقايا كيس من الطحين والأرزّ، الأمر الّذي دفعني للتخلّص منها فورًا وهو ما تسبّب بخسارة مادّيّة لنا في هذه الظروف المادّيّة الصعبة.

وتواصل نسرين سرد معاناتها، مع انتشار الفئران، إذ زادت "حياتنا صعوبة وتعقيدًا، فبتّ أنام داخل الخيمة ورأسي مغطّى بالكامل، كما لا أدري أين أضع أكل أطفالي وملابسهم، وبتّ أكثر حرصًا على عدم ترك أيّ طعام مكشوف وغسل الأدوات الّتي نستعملها مرارًا قبل استعمالها".

بلديّة غزّة تحذّر

بدورها، حذّرت بلديّة غزّة من مخاطر انتشار أمراض خطيرة؛ بسبب انتشار القوارض والحشرات الضارّة الناجمة عن تراكم كمّيّات كبيرة من النفايات الصلبة في شوارع المدينة؛ بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال طواقم البلديّة من الوصول للمكبّ الرئيس شرقيّ المدينة وتدمير آليّات البلديّة.

وأكّدت البلديّة أنّ تراكم كمّيّات كبيرة من النفايات الصلبة، وتدمير آليّات البلديّة وكذلك تسرّب مياه الصرف الصحّيّ في شوارع المدينة أدّى إلى انتشار الأمراض وتلوّث الخزّان الجوفيّ وانتشار الجرذان والحشرات الضارّة والروائح الكريهة.

أمراض معدية وأوبئة

من جانبه، قال أستاذ الأحياء الدقيقة في الجامعة الإسلاميّة وعضو الجمعيّة البريطانيّة للعلاج بمضادّات الجراثيم عبد الرؤوف المناعمة، إنّ انتشار القوارض في أماكن النزوح يعدّ مشكلة جدّيّة، تسهم في تلوّث تجهيزات الغذاء، وتحدث أضرارًا مادّيّة في المكان.

وأوضح المناعمة في حديث لـ "الترا فلسطين"، الأكثر أهمّيّة أنّ هذه القوارض قد تكون عاملًا في إحداث الأمراض المنقولة بالغذاء وغيرها من الأمراض المعدية والأوبئة، مثل الطاعون الّذي ينتقل عبر لدغات البراغيث الّتي تعيش على القوارض.

وتابع المناعمة، أنّ القوارض قد تسبّب بكتيريا السالمونيلا الّتي تنتقل من فضلات القوارض إلى الأطعمة والأسطح، وكذلك فيروس هانتا الّذي ينتقل عن طريق استنشاق الجسيمات الدقيقة المتطايرة من بول أو براز القوارض، وقد يؤدّي هذا المرض إلى التهابات تنفّسيّة شديدة وفشل كلويّ.

كما أردف أنّ القوارض تسبّب داء اللولبيّات "البريميّات"، الّذي ينتقل عبر ملامسة المياه أو التربة الملوّثة ببول القوارض، وكذلك طفيل التوكسوبلازما وحمّى عضّة الجرذ.

وحثّ العائلات النازحة على إبقاء الأطعمة مغطّاة بصورة جيّدة، وفي مكان عال فوق الأرض، وكذلك إزالة الموادّ الغذائيّة مثل الطحين والسكّر من حاويتها الأصليّة ووضعها في حاويات مغلقة بشكل جيّد.

ودعا النازحون لفحص الصناديق (الكراتين) الّتي تأتيهم من مناطق توزيع المساعدات والطرود الغذائيّة للتأكّد من عدم وجود الحشرات والقوارض.

كما طالب بسدّ الفتحات والتشقّقات والمحافظة إغلاق ونظافة المكان، وفي حالة جيّدة، وحفظ النفايات بأكياس مغلقة في حاويات مغطّاة، قدر الإمكان.

حذّرت بلديّة غزّة من مخاطر انتشار أمراض خطيرة؛ بسبب انتشار القوارض والحشرات الضارّة الناجمة عن تراكم كمّيّات كبيرة من النفايات الصلبة في شوارع المدينة

وشدّد على ضرورة الحفاظ على نظافة المكان من الخارج ومحيطه والتأكّد من خلوّه من بقايا الطعام وغيرها من الفضلات والمخلّفات الّتي قد تكون مأوى للفئران والجرذان وغيرها من الآفات.

وقال المناعمة، إنّ أحد طرق السيطرة على الفئران، هي نصب المصائد قرب النفايات، وفي حال استعمال مبيدات كيماويّة يجب إتباع التعليمات الموجودة على عبوّة المبيد بدقّة وحفظه في حاوياته الأصليّة، بعيدًا عن أماكن تحضير وتخزين الطعام.