خلال افتتاحه مركز البيانات في شركة الاتصالات، قال رئيس الوزراء محمد اشتية، إن السلطة "في منتصف الطريق للتعامل مع العملة الرقمية والدفعات الإلكترونية"، مؤكدًا على تصريحاتٍ سابقةٍ له بدا فيها من أشد المتحمسين لاستخدام العملة الرقمية بدلاً من الاستمرار بتداول الشيكل الإسرائيلي، ضمن خطة الانفكاك عن الاحتلال.
اشتية لم يوضح طبيعة العملة التي سيعتمدها ومن سيستخدمها وكيف سيكون ذلك
للعملات الرقمية أنواعٌ واستخدماتٌ عديدة، لكن اشتية لم يوضح في تصريحه ما هي طبيعة العملة الرقمية التي سيعتمدها، ومن سيستخدمها، وكيف سيكون ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: هل تُصدر السلطة عُملة بديلة للشيكل؟
خبيران في الشأن الاقتصاد استبعدا إمكانية تطبيق العملة الرقمية في الحالة الفلسطينية بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الحالية وعدم توفر شروط إصدارها، دون التقليل من أهمية وجود هذه العملة، وذلك في حديثين منفصلين مع الترا فلسطين.
وزير الاقتصاد الأسبق سمير عبد الله، ومدير الأبحاث في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية "ماس"، أكد على أهمية إصدار العملة الرقمية، وأن تكون حلاً للوضع الحالي، فيما لو توفرت شروط إصدارها وحمايتها.
هذا الأمر وفق ما ذكر عبدالله يتطلب كفاءة المشاركين في السوق في استخدام العملة الرقمية، ويحتاج إلى أشخاص تعرف بالتكنولوجيا واستخدامها، وتوفر جهة لديها مصداقية كبيرة وثقة لدى المواطنين لإصدارها، وعلى مستوى عالي من الملاءة المالية، والقدرة الفنية على إدارتها.
وأكد عبد الله أنه في الوضع الحالي لا يتوفر أي شرط من هذه الشروط، "لذلك لا يوجد بديل عملي عن الوضع الحالي".
لا تتوفر شروط العملة الرقمية حاليًا لدى السلطة ولذلك لا يوجد بديل عملي عن الوضع الحالي
وهنا أشار إلى أهمية التفكير والتحضير لهذه الخطوة، "لأن العمل بسلة عملات كما هو الوضع الحالي عملية منهكة، لأنه لا يوجد حالة استقرار في سعر الصرف عالميًا، حتى الدولار العملة العالمية لم يعد مستقرًا، وهناك مخاوف من انهياره".
اقرأ/ي أيضًا: البنك الدولي: الاقتصاد الفلسطيني يُقبل على ركود
استخدام العملات الرقمية حاليًا يقتصر على المدفوعات بين الحكومات، ولا يوجد حتى الآن مدفوعات رقمية بين عمليات البيع والشراء، وفق الصحافي المتخصص في الاقتصاد محمد عبد الله خبيصة.
يقول خبيصة، إن رئيس الوزراء إذا كان يقصد ما هو مطبق في دول العالم حاليًا مثل السعودية والإمارات والكويت ودول شرق أوروبا وروسيا بين الحكومات، لن يكون له صدى كبير في حالتنا الفلسطينية لعدة أسباب.
"تملك السعودية أصولاً احتياطية بـ 503 مليارات دولار، بينما الإمارات 104 مليارات دولار، وعملتان مستقرتان مربوطتان بالدولار" وفق ما ذكر خبيصة.
أما عن الأسباب التي تحول دون إصدارها فلسطينيًا، فيرى خبيصة أنه "لا يوجد لدينا أي ركيزة فنية أو قانونية تستند عليها العملة الرقمية للحفاظ على قيمتها، فالعملة الرقمية في النهاية عبارة عن مال، وهذه العملة يمكن تحويلها إلى كاش أو الإبقاء عليها رقمية"، متسائلاً: "ما هو السند القانوني والفني الذي سترتكز عليه هذه العملة؟ وكيف ستحافظ السلطة الفلسطينية على قيمتها خلال الفترة القادمة؟".
وأوضح، أن للعملة الورقية احتياطاتٌ من الذهب للحفاظ على قيمتها، وهي من الأدوات التي تتبعها الدول للحفاظ على قيمة عملتها الورقية، مضيفًا أن العملة الرقمية "يفترض أن تستند على وجود بيئة مستقرة، ووجود بيئة تشريعية وقانونية، ووجود احتياطي نقدي كافٍ، وهذا غير موجود في الحالة الفلسطينية".
العملة الرقمية يفترض أن تستند على وجود بيئة مستقرة، ووجود بيئة تشريعية وقانونية، ووجود احتياطي نقدي كافٍ، وهذا غير موجود فلسطينيًا
ومن الأسباب التي جاء على ذكرها خبيصة، أننا "نحتاج إلى إعادة بناءٍ لكافة المؤسسات السيادية في الدولة، ونحتاج إلى بنك مركزي كامل الصلاحيات، وسيطرة بنسبة مئة بالمئة على التجارة الخارجية، لأن التجارة الخارجية تشكل العامود الفقري لأنظمة المدفوعات، وبالتالي إذا أردت استخدام العملة الرقمية يجب أن تكون لديك سيطرة كاملة على المعابر والحدود التي تمر عبرها الصادرات والواردات".
وأضاف، "ليس لدى الفلسطينيين عملة، ولا حتى بنك مركزي كامل الصلاحيات، رغم جهود سلطة النقد منذ 2016 لتجهيز البنيتين التشريعية والتحتية، لكن ذلك لم يتم، ولا حتى أصول احتياطية كافية (635 مليون دولار)".
وتابع، " بينما بدأت بلدان كثيرة توجهاتٍ للتخلي عن عملاتها خلال الفترة المقبلة، لأن الحفاظ على قيمتها أصبح مرهقا للدولة وأصولها، نعود نحن للوراء لتدشين عملتنا".
وينصح خبيصة حاليًا بالإبقاء على الوضع كما هو عليه، مع تقليص عدد العملات المعتمدة لدينا إلى عملتين رئيسيتين هي الشيقل والدولار، بدلاً من اعتماد الدولار والدينار واليورو والشيقل.
يتفق سمير عبدالله مع محمد خبيصة على أهمية التقليل من العملات المعتمدة محليًا، لكنه أشار إلى أهمية التفكير في بديل، وأن العملة الرقمية تقدم حلاً مناسبًا مستقبلاً، وهذه مسؤولية سلطة النقد والبنوك والسلطة، التي يجب أن توفر الظروف المناسبة لإصدار عملة رقمية تستطيع الناس التعامل معها.
اقرأ/ي أيضًا:
بشارة: وضعنا المالي أمام "منعطف خطير"
إسرائيل ومصانع فلسطينية: رقابة مباشرة مقابل نقل البضائع