شهدت الأيام الماضية تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الاعتقالات التي تقوم تقوم بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية على خلفية سياسية، وفق ما تؤكده مجموعة "محامون لأجل العدالة" ولجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية.
وقد تركزت تلك الاعتقالات مؤخرًا في مدينة رام الله، فيما يواصل عددٌ من أهالي المعتقلين السياسيين في مدينة سلفيت، تنظيم اعتصاماتٍ لليوم السابع على التوالي، احتجاجًا على استمرار توقيف أبنائهم في سجون جهاز المخابرات العامة منذ نحو عام ونصف دون محاكمة، كان آخرها أمس الثلاثاء؛ حيث أصرّوا على تنظيم اعتصامهم رغم الأمطار وسوء الأحوال الجوية.
المحامي مهند كراجة: الأيام الأخيرة شهدت تصاعدًا واضحًا في الاعتقال السياسي، وغالبية المعتقلين مؤخرًا هم من الأسرى المحررين والنشطاء السياسيين.
ويقول أحد الشبان المفرج عنهم من سجن المخابرات في رام الله مؤخرًا، متحفظًا على ذكر اسمه، إنه أمضى ثلاثة أسابيع قيد الاحتجاز دون أي تحقيق أو توجيه تهم، وإن تمديد اعتقاله كان يتم بأوامر قضائية "دون وجود ملف"، لدرجة أن القاضي نفسه سأل المخابرات لدى تقديم طلب تمديد توقيفه عن الملف خلال إحدى الجلسات، و"مع ذلك تواطأ معهم ومدد احتجازي"، وفق قوله.
وأضاف، في حديثه لـ"الترا فلسطين"، أن العديد من المواطنين يُقتادون بشكل شبه يومي إلى سجن المخابرات في رام الله على خلفية سياسية، معظمهم أسرى محررون، ويجري التحقيق معهم على خلفية منشورات عبر وسائل التواصل أو أنشطة ذات طابع سياسي.
وأشار إلى تعرّض بعض الشبان للضرب والشبح والإهانات، مستشهدًا بحالات من بلدة نعلين تعرض أصحابها لتعذيب شديد خلال اعتقالهم قبل نحو شهرين، بسبب اتهامهم برفع رايات لحركة حماس. ورغم صدور قرار قضائي بالإفراج عنهم قبل أكثر من شهر إلّا أن القرار لم يتم تنفيذه.
ونوّه الشاب، إلى أنه في نفس اليوم الإفراج عنه من سجن المخابرات برام الله عند منتصف الليل، اقتحم جيش الاحتلال منزله، وحطّم محتوياته.
وفي السياق، قال المحامي مهند كراجة، مدير مجموعة "محامون لأجل العدالة"، إن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدًا واضحًا في الاعتقال السياسي، مؤكدًا أن غالبية من تم اعتقالهم مؤخرًا هم من الأسرى المحررين والنشطاء السياسيين، وأن الحملة تركز بشكل ملحوظ في محافظة رام الله.

وأوضح كراجة، في حديث مع موقع "الترا فلسطين"، أن جميع التهم التي وُجهت للمعتقلين في اليوم الأول من التحقيق كانت "تهمًا سياسية صريحة"، معتبرًا أن الحملة الحالية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بل تأتي ضمن "نهج تمارسه السلطة الفلسطينية ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وأضاف كراجة، أن السلطة تمارس "سياسة الباب الدوار" بحق النشطاء، إذ تم اعتقال عدد كبير منهم سابقًا لدى الاحتلال خلال حرب الإبادة على غزة، ثم أُفرج عنهم، قبل أن يعاد اعتقالهم لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في "ظروف صعبة".
وأشار إلى أن مجموعته أطلقت نداءً عاجلًا لمؤسسات المجتمع المدني للتحرك الفوري، وتواصلت مع الهيئة المستقلة ومؤسسات حقوقية أخرى للضغط على الأجهزة الأمنية لوقف الاعتقالات السياسية.
وفي بيان استنكاري جديد، أدانت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية "الحملة الأمنية التي تشنّها أجهزة السلطة خلال الساعات الماضية"، والتي قالت إنها طالت شبانًا وأسرى محررين في عدة محافظات.
ووثّق البيان اعتقال خمسة شبان من بلدة أبو شخيدم شمال رام الله، بينهم ثلاثة طلبة في جامعة بيرزيت، وهم: عيسى شلالدة، أدهم الخطيب، سمير أيمن قنداح، إضافة إلى عمر أبو الظاهر ومحمود فؤاد الجمل.
كما أشار البيان إلى اعتقال الأسير المحرر هاني بركات –والد الشهيد أحمد بركات– في جنين، بعد إطلاق النار عليه وإصابته بشظايا في الرأس والقدم، وكذلك اعتقال الأسير المحرر أيمن أبو عرام من مكان عمله في بيرزيت، واعتقال الشاب وديع زاهر أبو شما من طمون بلباس مدني.
وحمّلت اللجنة الأجهزة الأمنية المسؤولية عن سلامة المعتقلين، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم، معتبرة أن "استهداف الطلبة والأسرى المحررين والأهالي هو اعتداء على المجتمع بأكمله وعلى حقوقه الأساسية وكرامته الوطنية".
من جهة أخرى، تؤكد الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن عمليات التوقيف في الضفة الغربية تهدف إلى فرض النظام وحماية الأمن العام، ولا ترتبط بالانتماء السياسي أو النشاط الوطني للموقوفين، وذلك في تصريحات صحفية سابقة، صدرت عن الناطق باسم الأجهزة الأمنية أنور رجب، قائلًا إن الأجهزة "تواصل عملها بكل قوة لفرض النظام والقضاء على الفوضى وحماية أمن شعبنا"، وفق قوله.
وأوضح رجب أن الإجراءات تُنفّذ "وفق القانون"، وبما يضمن ملاحقة من يصفهم بـ"الخارجين على القانون أو من يشكلون خطرًا على السلم الأهلي"، مؤكّدًا أن للمواطنين حق اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة في حال وجود أي اعتراض أو شكوى تتعلق بحالات التوقيف.