Bisan

أسرى لبنان وسوريا في السجون الإسرائيلية: مصيرٌ مجهول وقضيةٌ منسية

Soruce تقارير
أسرى لبنان وسوريا في السجون الإسرائيلية: مصيرٌ مجهول وقضيةٌ منسية
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

بالصدفة، علمت عائلة الأسير اللبناني حسن يوسف قشقوش من بلدة عيتا الشعب بأن نجلها ما يزال على قيد الحياة، بعد أن التقى به أسير فلسطيني محرر من غزة في سجني عوفر ونفحة الإسرائيليين. تغريدة على موقع "إكس"، تحمل قائمة بأسماء الأسرى، كانت وراء وصول المعلومة إلى عائلة قشقوش.

المعتقلون من قطاع غزة ولبنان وسوريا محتجزون تحت مسمى "المقاتل غير الشرعي"، أي دون تهمة أو محاكمة، وهذا الاعتقال يشبه الاعتقال الإداري المطبق بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية

الأسير حسن قشقوش كان يعمل ممرضًا في مستشفى قبل اعتقاله، من عيتا الشعب جنوب لبنان، في تموز/يوليو 2024، ولم يرد اسمه في لوائح المعتقلين اللبنانيين لدى إسرائيل، ليبقى مصيره مجهولًا لدى عائلته، حتى علمت به عبر أسير محرر من غزة، ما أعاد فتح جرحٍ قديم حول المعتقلين مجهولي المصير من لبنان وسوريا في السجون الإسرائيلية، الذين لا تُعرف أماكن احتجازهم ولا أوضاعهم الإنسانية أو القانونية.

وقال المحامي خالد محاجنة، في حديثٍ لـ"الترا فلسطين"، إن ملف المعتقلين اللبنانيين والسوريين منسيّ تمامًا، ولا أحد يتحدث عنه أو يتابعه قانونيًا أو إنسانيًا.

وبيّن محاجنة أن عشرات المعتقلين السوريين يقبعون في سجون الاحتلال، وأن هناك عمليات اعتقالٍ يومية من داخل الأراضي السورية، نتيجة التوغلات الإسرائيلية في الجنوب السوري، مشيرًا إلى أنه يتابع حالة لمعتقل سوري منذ أيام النظام المخلوع، وقد اعتُقل وهو قاصر في عمر 16 عامًا من بلدة خباتة الخشب، حين اقتحمت قوات إسرائيلية البلدة.

وأوضح محاجنة أن الاعتقالات من لبنان تسير بالنمط ذاته، إذ يتعامل الاحتلال مع جميع المعتقلين من لبنان على أنهم من "وحدة الرضوان" التابعة لحزب الله، دون وجود أي دلائل أو تهم واضحة ضدهم. وأضاف: "لا يوجد عدد محدد لدى أي جهة حول أعداد المعتقلين من سوريا ولبنان، لكنهم بالعشرات".

وأفاد بأن بعض المعتقلين اللبنانيين موجودون داخل عيادة سجن الرملة؛ لأنهم جرحى، بينما المعتقلون الآخرون محتجزون في معتقل "راكيفت"، وهو معتقل داخل سجن الرملة في قسمٍ يُعرف باسم "إيلون"، موجود تحت الأرض في ظروف إنسانية صعبة للغاية، مبينًا أن هذا القسم يضم أيضًا معتقلين من غزة متهمين بالمشاركة في عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر.

أما المعتقلون السوريون، بحسب محاجنة، فيحتجزهم الاحتلال في سجون "عوفر" و"مجدو" و"راكيفت"، ولا تتوفر أي معلومات دقيقة عنهم، ومصيرهم مجهول، إذ لا تعلن إسرائيل عن تفاصيلهم، ولا عن أسمائهم أو أعمارهم أو خلفياتهم.

وبيَّن أن المعتقلين من قطاع غزة ولبنان وسوريا محتجزون تحت مسمى "المقاتل غير الشرعي"، أي دون تهمة أو محاكمة، ودون أي شبهة واضحة أو تقديم للمحاكم، مشيرًا إلى أن هذا الاعتقال يشبه الاعتقال الإداري المطبق بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يتم تجديد فترة الاعتقال كل ستة أشهر تلقائيًا ودون محاكمة أو سقف زمني.

وأضاف محاجنة أنه "لا يوجد تواصل دائمٌ بين عائلات المعتقلين اللبنانيين والسوريين من جهة، والمؤسسات الحقوقية في الداخل الفلسطيني من جهة أخرى، بما يتيح توكيل المحامين لمتابعة قضايا هؤلاء المعتقلين، ودون ذلك فالأمر صعبٌ جدًا".

وتابع: "كذلك دولهم نفسها لا تتابع ملفاتهم. في لبنان، كنا نتوقع أن يتم الإفراج عن المعتقلين مع انتهاء الحرب، لكن ذلك لم يحدث. ولا توجد جهات رسمية لبنانية أو سورية تتابع الملف أو تطالب بإيضاح مصيرهم".

View this post on Instagram

A post shared by Ultra Palestine - الترا فلسطين (@ultrapalestine)

وبحسب تقريرٍ لهيئة البث الإسرائيلية "كان"، تحتجز إسرائيل عشرات المعتقلين من مقاتلي النخبة في حماس و"وحدة الرضوان" التابعة لحزب الله في قسمٍ سري تحت الأرض داخل سجن الرملة، أُقيم في أيلول/سبتمبر الماضي، ويُعرف باسم "راكيفت، (أي زهرة السيكلامين، أو بخور مريم).

والقسم بُني على شكل "خزنةٍ إسمنتية" تحتوي على زنازين مزوّدة بكاميرات ذكية قادرة على رصد أدق تحركات المعتقلين، الذين يُحتجزون 24 ساعة في اليوم داخل الزنازين، باستثناء ساعة واحدة يُسمح لهم خلالها بالخروج إلى ما يسمى بـ"الساحة"، وهي غرفة صغيرة محصّنة من الإسمنت يدخلها القليل من الضوء عبر قضبان السقف، وعلى جدرانها صورة كبيرة لمدينة غزة المدمّرة.

ويوضح التقرير أن القسم يُدار من قبل سجّانين يعملون بأسماء عملياتية وأرقام فقط، بعد خضوعهم لتدريبٍ نفسي خاص استعدادًا للتعامل مع المعتقلين.

وخلال الساعة المسموح بها بالخروج، يُلزم المعتقلون بالاستحمام وتنظيف الزنزانة والمشي في "الساحة"، ويُمنع عليهم التحدث مع بعضهم. كما تُجرى لقاءاتهم مع المحامين أو الأطباء أو جلسات المحكمة داخل القسم نفسه دون السماح لهم بالمغادرة.

ويزعم قائد القسم أنهم يوفرون للمعتقلين ظروف اعتقالٍ وفق "الحد الأدنى الذي يقتضيه القانون الدولي"، مؤكدًا أن السجن موجود في قبو، والأسير لا يخرج منه إطلاقًا.