قالت مصادر من سلطة النقد لـ"الترا فلسطين"، إن "إسرائيل بدأت منذ يوم أمس باستقبال 4.5 مليار شيكل متراكمة لدى البنوك الفلسطينية على دفعات"، مشيرةً إلى أن عملية التحويل جرت ضمن الدفعة الثالثة الدورية. وهو ما تطابق مع حديث عضو الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة، مؤيد عفانة، لـ"الترا فلسطين".
وتعني عملية التحويل الحالية، أن أزمة تراكم الشيكل، التي انعكست على التعاملات اليومية في الضفة الغربية، ما تزال مستمرة، والحوالة الحالية التي ستنفذ على أيام ستكون "حلًا جزئيًا"، مع بقاء حوالي 9 مليار شيكل متراكمة لدى البنوك الفلسطينية، بينما كشفت مصادر لـ"الترا فلسطين"، عن محاولات سياسية لحل الأزمة.
مصدر لـ"الترا فلسطين": الأيام الماضية شهدت عدة اتصالات هاتفية بين حسين الشيخ وممثل الإدارة المدنية الإسرائيلية ومحافظ البنك المركزي الإسرائيلي، لحل الأزمة الخانقة التي يعشها الجهاز المصرفي الفلسطيني
وأكد مصدر سياسي رفيع لـ"الترا فلسطين"، أن كل محاولات نائب رئيس منظمة التحرير حسين الشيخ لـ"إحداث اختراق لدى البنوك الإسرائيلية في رفع سقف استقبال البنوك الإسرائيلية لعملة الشيكل المتكدسة في البنوك الفلسطينية باءت بالفشل حتى مساء أمس الثلاثاء".
وكشف المصدر لـ"الترا فلسطين" أن الأيام الماضية شهدت عدة اتصالات هاتفية بين الشيخ وممثل الإدارة المدنية الإسرائيلية ومحافظ البنك المركزي الإسرائيلي وجهات في الحكومة الإسرائيلية، لحل الأزمة الخانقة التي يعشها الجهاز المصرفي الفلسطيني، الذي تكدست فيه مليارات الشواكل، والتي ترفض البنوك الإسرائيلية استيعابها، ما أدى لأزمة خانقة في جميع مناحي الحياة في الضفة الغربية على مستوى الأفراد والمؤسسات.
وأكد المصدر: "لقد عرض الشيخ أن يتم رفع مبلغ عملة الشيكل التي تستقبله البنوك الإسرائيلية من 18 مليار شيكل إلى 30 مليار شيكل، وبعد الرفض، قام بخفض سقف مطالبه إلى 25 مليار شيكل، لكنه سمع رفضًا من جميع الجهات، التي أكدت له أن هذا القرار سياسي بالدرجة الأولى، والوحيد الذي يملك القرار فيه هو وزير مالية حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش".
وتابعت المصادر: "ضمن محاولات الشيخ كان هناك محاولة أن يتم استقبال مبلغ من البنوك الفلسطينية تحت عنوان 'دفعة استثنائية'، لكن هذا الاقتراح لم يحصل على تجاوب حتى الآن، أي لم يرفض ولم يقبل أيضًا".
وأفاد المصدر أن "مطالب الشيخ لن يتم الموافقة عليها إلا في مقابل ثمن سياسي يحصل عليه وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش"، مرجحًا أن "ثمن موافقة سموتريتش سيكون المزيد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وربما هذه المرة في مناطق 'ب' وليس 'ج' التي تعتبر الخزان الاستيطاني لإسرائيل وتبلغ مساحتها نحو 62% من مساحة الضفة الغربية".
وفي السياق ذاته، كشف عضو الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة، مؤيد عفانة، في تصريح خاص لـ"الترا فلسطين"، أن البنوك الإسرائيلية بدأت باستقبال الدفعة الدورية من الشيكل من البنوك الفلسطينية، والتي تبلغ قيمتها 4.5 مليار شيكل.
وأوضح عفانة أنه سيجري تحويل الدفعة جميعها، أي مبلغ 4.5 مليار شيكل، ولكن على عدة مراحل وليس مرة واحدة، موضحًا: "هذه إجراءات تأخذ وقتًا، حيث تم أخذ دفعة أولى بقيمة 600 مليون شيكل حتى الآن".
وحول حقيقة ما يجري من أزمة في السوق الفلسطيني، بين عفانة أن هناك اتفاقًا بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على تحويل 18 مليار شيكل سنويًا من البنوك الفلسطينية إلى البنوك الإسرائيلية على 4 دفعات، أي دفعة كل 3 أشهر بقيمة 4.5 مليار شيكل، وما جرى الآن هو تحويل الدفعة بحسب موعدها ووفق الوضع الطبيعي.
وحسب مصادر متطابقة من البنوك وسلطة النقد لـ"الترا فلسطين"، فإن هناك 13 مليار شيكل متكدسة في البنوك الفلسطينية حتى تاريخ 30 حزيران/ يونيو 2025.
وعلق مدير عام جمعية البنوك، بشار ياسين، لـ"الترا فلسطين" على الأمر، بالقول: إن "فائض الشيكل في البنوك يصل حاليًا إلى نحو 13 مليار شيكل. ومع بدء الجانب الإسرائيلي استقبال الشحنة المالية الثالثة لهذا العام على شكل دفعات متقطعة خلال الشهر الجاري، يُتوقع أن ينخفض الفائض إلى حوالي 9 مليارات شيكل، إلا أنه يبقى معرضًا للارتفاع مجددًا نتيجة استمرار عمليات الإيداع النقدي".
وكانت سلطة النقد قد صرحت في جلسة مع عدد من الصحفيين بأن 50% من تدفقات عملة الشيكل تأتي من أربع قطاعات رئيسية، وهي: المحروقات، السجائر، العقارات، والذهب.
لكن البنك المركزي الإسرائيلي كان قد أبلغ سلطة النقد الفلسطينية أن مليارات الشيكل الفائضة لدى البنوك الفلسطينية والتي لا تستطيع السيطرة عليها جاءت من السوق السوداء من حملة الهوية الإسرائيلية الذين سارعوا لشراء سبائك الذهب والشقق والأراضي في الضفة الغربية بعد فرض إسرائيل، في صيف 2022 قانونًا للحد من استخدام النقد وتعزيز وسائل الدفع الإلكترونية، بما يشمل وضع سقف للتعاملات النقدية المسموح تنفيذها في إسرائيل بتقليص المدفوعات النقدية (الكاش) إلى 6 آلاف شيكل كحد أقصى، مبررة أن هذا القانون لضبط التهرب الضريبي وغسيل الأموال.
لكن عفانة يقول: إنه "لا توجد أي دفعات متراكمة رفضت البنوك الإسرائيلية استقبالها، وإنما ما جرى هو رفضهم العام الماضي أخذ دفعة استثنائية بسبب وجود فائض في الشيكل في البنوك الفلسطينية، حيث سبق وأن تم تحويل دفعات استثنائية في عهد الحكومات السابقة، ولكن في عامي 2024 و2025 لم توافق الحكومة الإسرائيلية بعد تولي سموتريتش منصب وزير المالية على استيعاب أي دفعات استثنائية من فائض الشيكل من البنوك الفلسطينية، وإنما يجري فقط تحويل المبلغ المتفق عليه وهو 18 مليار شيكل".
وأكد عفانة أن تحويل هذه الدفعة المالية سوف يؤدي إلى تخفيف الأزمة والاحتقان، لكنه ليس حلًا جذريًا، ومن شأنه أيضًا أن يدفع البنوك إلى مرونة أكبر في استقبال ودائع المواطنين بالشيكل، علمًا أن هناك توجهًا بأن يفصح المواطن عن مصدر دخله للبنوك كي توافق على استيعاب ودائع بالشيكل أكثر منه، فلا "يعقل أن موظفًا لديه دخل بقيمة 2000 شيكل، ويريد إيداع مبالغ تزيد عن 20 ألف شيكل". أما عن الحل الجذري لأزمة الشيكل، وفق عفانة، يكون برفع الكوتا السنوية إلى 30 مليار شيكل بدلًا من 18 مليار شيكل.