Bisan

هل ستُوفّر بلدية الخليل ما تبقى من راتب شهر نيسان لموظفي الحكومة؟

Soruce تقارير
هل ستُوفّر بلدية الخليل ما تبقى من راتب شهر نيسان لموظفي الحكومة؟
الترا فلسطين

الترا فلسطين

فريق التحرير

علم "الترا فلسطين" أن وزارة المالية الفلسطينية تُجري اتصالات مع عدد من البنوك المحلية، بهدف تسييل شيكات آجلة حصلت عليها من بلدية الخليل بقيمة 290 مليون شيكل، وذلك ضمن إطار تسوية مالية تم الاتفاق عليها مؤخرًا بين الطرفين.

عن كيفية دفع الحكومة للـ35% المتبقية من 70% من راتب شهر نيسان/أبريل فإنها ستفعل ذلك اعتمادًا على الإيرادات المجباة محليًا، ومستحقات وتسويات حكومية مع هيئات محلية، وبعد ذلك ستبدأ الحكومة بالعمل على جمع 70% من راتب شهر أيار/مايو

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن نجاح الوزارة في تسييل هذه الشيكات قد يفتح المجال لصرف نسبة الـ35% المتبقية من رواتب الموظفين عن شهر نيسان/أبريل الماضي، وذلك بعد صرف نسبة مماثلة قبيل عيد الأضحى، مع وعد من الحكومة باستكمال صرف ما تبقى من الراتب، لتكون النسبة المصروفة 70% بعد العيد.

وعلم "الترا فلسطين" أن شركات فلسطينية كبيرة قامت بدفع ضريبة الدخل بشكل مسبق عن العامين القادمين 2026 و2027 مقابل خصومات من الحكومة، في سبيل أن تحصل الحكومة على سيولة تنقذها من أزمتها المالية المستعصية.

وفي سياق ذات الإجراءات، علم "الترا فلسطين" أن شركة كهرباء القدس حصلت على قرض من أحد البنوك بقيمة 300 مليون شيكل، وأعطته للحكومة بعد رفض البنوك منح الحكومة أية قروض بسبب استيفائها الحد الأعلى من القروض.

وبحسب التقديرات، فإن الحكومة الفلسطينية تسعى إلى دفع ما تبقى من النسبة التي ستدفع من الراتب المستحق، من خلال الاعتماد على الإيرادات المجبية محليًا ومستحقات وتسويات الحكومات مع الهيئات المحلية، من أجل سداد الدفعة المتبقية من راتب نيسان/أبريل، ومن ثم ستبدأ العمل على سداد دفعة الراتب التي ستقدم عن شهر أيار/مايو.

وقال رئيس نقابة العاملين في بلدية الخليل، رامي الجنيدي، في حديث مع "الترا فلسطين"، إن الحكومة اتفقت مع بلدية الخليل على جدولة دفع مستحقات مالية متراكمة على البلدية تصل إلى 290 مليون شيكل، نتيجة الفاقد المالي المتراكم بسبب عدم التزام عدد كبير من المواطنين بتسديد فواتير الكهرباء، إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بالظروف السياسية والإدارية، مؤكدًا أن الاحتلال كان سابقًا يخصم قيمة شهرية محددة من هذه المبالغ تلقائيًا من أموال المقاصة المحولة شهريًا للسلطة الفلسطينية.

اقرأ/ي: 13.5 مليار شيقل مخنوقة في البنوك الفلسطينية.. سيولة بلا مخرج

الحكومة الفلسطينية وبلدية الخليل: تسويات متعثرة وخلافات متصاعدة

وأوضح الجنيدي أن الحكومة ستسترد هذه المبالغ من خلال اتفاق تسوية مالية مع بلدية الخليل تم التوصل إليه قبل نحو أسبوعين، وينص على أن تقوم البلدية بسداد ما عليها من مستحقات عبر شيكات شهرية بقيمة 4 ملايين شيكل لكل شيك، وعلى مدار ست إلى سبع سنوات تقريبًا.

وبيّن أن مبلغ الشيك، وهو 4 ملايين شيكل شهريًا، هو في الأساس قيمة الفاتورة الشهرية المستحقة على الحكومة لصالح البلدية لقاء خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي التي تقدمها بلدية الخليل، مشيرًا إلى أن الآلية تنص على أن تقوم الحكومة بتحويل هذا المبلغ للبلدية، التي بدورها تودعه في البنك لصرف الشيك المُعدّ سلفًا باسم الحكومة.

وأضاف: "في حال امتنعت الحكومة عن تحويل المبلغ في أي شهر، فإن البلدية لن تتمكن من تغطية قيمة الشيك، وبالتالي سيتم خصم قيمته من أموال المقاصة مباشرة، وهو ما يُعيدنا إلى دائرة الأزمة ذاتها".

وأكد أن الأزمة المالية مرشحة للتجدد في حال لم تلتزم الحكومة بتحويل المبلغ الشهري، خاصة أن شركة كهرباء الخليل تشتري الكهرباء مباشرة من الشركة القُطرية الإسرائيلية، وفي حال تأخرت عن السداد، تقوم الشركة الإسرائيلية باقتطاع المبلغ من أموال المقاصة، الأمر الذي ينعكس مباشرة على ميزانية الحكومة.

وحول موعد البدء بتنفيذ الاتفاق، أوضح الجنيدي أن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ ابتداءً من 15 تموز/يوليو المقبل، حيث يُفترض صرف الشيك الأول في ذلك التاريخ، محذرًا من أن عدم تحويل الحكومة للمبلغ المطلوب خلال الشهر القادم سيُفشل صرف الشيك الأول، ويُعيد الخصم من المقاصة.

والاتفاق السابق، جاء بعد عملية تقاص شاملة، اتفق الطرفان الحكومة الفلسطينية وبلدية الخليل- بموجبها على أن المبلغ النهائي الذي ستسدده البلدية للحكومة هو 290 مليون شيكل (مقابل متأخرات مالية للحكومة)، يُدفع عبر شيكات شهرية بقيمة 4 ملايين شيكل، وهي توازي الفاتورة الشهرية التي تدفعها الحكومة لقاء الخدمة المقدمة لمؤسساتها الرسمية في المدينة، ما يجعل مدة السداد تمتد بين 6 إلى 7 سنوات.

وتعيش الحكومة الفلسطينية أزمة مالية خانقة دفعتها للعديد من الإجراءات، لن يكون آخرها تسييل شيكات التسويات مع الهيئات المحلية، كما هو الأمر مع بلدية الخليل.

ما هي مصادر السلطة الفلسطينية المالية؟

وفي إحاطة حول الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، قال المختص الاقتصادي محمد عبد الله لـ"الترا فلسطين": "الوضع الطبيعي أن الحكومة تملك ثلاث قنوات كمصادر دخل؛ الأولى: أموال المقاصة التي تشكل من 60% إلى 66% من إجمالي الإيرادات، وذلك بعد الخصومات التي تقوم بها حكومة الاحتلال من ديون الكهرباء والماء، والقرض الذي أخذته الحكومة الفلسطينية من الاحتلال في 2021، إضافة إلى ديون المستشفيات، وهذه جميعها خصومات بناءً على فواتير. وبعد خصمها، يصل للحكومة الفلسطينية ما بين 800 إلى 850 مليون شيكل شهريًا".

وتابع: "يقوم الاحتلال أيضًا بقرصنة مخصصات الأسرى وقيمتها نحو 65 مليون شيكل شهريًا، ومخصصات قطاع غزة وتبلغ نحو 270 مليون شيكل، وبعد كل هذه الخصومات الطبيعية والمقرصنة، يبقى من أموال المقاصة 350 إلى 450 مليون شيكل".

وأشار عبد الله إلى أنه "في الوضع الطبيعي، حتى لو لم تقم إسرائيل بقرصنة مخصصات قطاع غزة والأسرى، لن تكون الإيرادات كافية لصرف فاتورة الرواتب والنفقات التشغيلية للحكومة الفلسطينية؛ لأنه في الوضع الطبيعي، هناك عجز قبل هذه القرصنة الإسرائيلية".

ويشير عبد الله إلى أن مصدر الدخل الثاني للسلطة الفلسطينية هو الإيرادات المجباة محليًا من ضريبة الدخل والقيمة المضافة والمكوس على السجائر المصنّعة محليًا والإرجاعات الضريبية، وقيمة هذا المصدر نحو 350 مليون شيكل شهريًا، وهذه تُجبى كاملة، وتشكل نحو 25 إلى 30% من مصدر دخل الحكومة، وتغطي 60% من فاتورة الموظفين الموجودين على رأس عملهم، وتشكل 35% من فاتورة الأجور الكلية فقط، دون أي مصاريف أخرى للحكومة". أما المصدر المالي الثالث للسلطة، حسب الخبير عبد الله، فهو المنح الخارجية، وهي تشكل أقل من 10% من مجمل الإيرادات. 

والجدير بالذكر أن الأجور الكلية تحتوي على ثلاث فئات، وهي: "رواتب الموظفين والمتقاعدين والمخصصات"، والتي تصل لأكثر من مليار شيكل شهريًا.

وفي سؤال لـ"الترا فلسطين" عن سبب دفع السلطة 35% من راتب الموظفين، أي نصف الـ70% من قيمة الراتب الذي درجت على دفعه منذ اشتداد الأزمة المالية، قال: "يعود هذا لعدة أسباب؛ أولًا: السلطة لم تستلم مقاصة شهر نيسان/أبريل، لذلك قامت بدفع 35% من قيمة الرواتب، أي نصف الـ70% التي درجت السلطة على دفعها بسبب الأزمة المالية. ثانيًا: كانت الحكومة تقوم بسداد قروضها للبنوك، وبالوقت ذاته تقوم بأخذ قرض جديد، لكن البنوك وصلت اليوم إلى مرحلة تُسمى ’التركيز الائتماني’، وهي أن البنوك أصبحت تعطي نسبة كبيرة من إجمالي القروض لجهة معينة، وهي الحكومة، وبالتالي في حال تعثرت الحكومة مستقبلًا، ستتعثر هذه القروض، وبالتالي ستزيد نسبة تعثرات القروض في البنوك، لذلك لم تعد البنوك قادرة على إقراض الحكومة كما في السابق".

وتابع: "لذلك، مع عدم تسليم إسرائيل أموال المقاصة في شهر نيسان/أبريل الماضي، وعدم إعطاء البنوك أي قرض للحكومة، لم يعد أمام الأخيرة سوى الضرائب المجباة محليًا، وهذه باتت مهددة بعد الحرب الإسرائيلية على إيران؛ لأن هناك تراجعًا في الاستهلاك المحلي".

وحول كيفية دفع الحكومة للـ35% المتبقية من 70% من راتب شهر نيسان/أبريل الذي استلمه الموظفون قبل عيد الأضحى، قال: "ستفعل ذلك اعتمادًا على الإيرادات المجباة محليًا، ومستحقات وتسويات حكومية مع هيئات محلية، وبعد ذلك ستبدأ الحكومة بالعمل على جمع 70% من راتب شهر أيار/مايو".