Bisan

بيوت متنقّلة للنازحين في شمال الضفة الغربية.. مخيمات جديدة؟

Soruce تقارير
بيوت متنقّلة للنازحين في شمال الضفة الغربية.. مخيمات جديدة؟
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

 كشف مدير مركز الاتصال الحكومي محمد أبو الرب، في حديث خاصّ لـ "الترا فلسطين"، عن طرح الحكومة عطاءين لإنشاء مركزيّ إيواء في جنين وطولكرم، يحتوي كلٌّ منهما على عشرات البيوت المتنقلة الجاهزة للسكن. وقال إنّ الحكومة تعمل في ثلاثة اتجاهات للتعامل مع أزمة النزوح.

الحكومة طرحت عطاءين لتجهيز مركزي إيواء من هجّرهم الاحتلال من المخيّمات: الأول في بلدة برقين بمحافظة جنين، والثاني في ضاحية اكتابا بطولكرم

يأتي ذلك في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها النازحون بعد مرور أكثر من 100 يوم على اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة جنين ومخيمها، وفق ما أكده رئيس بلدية جنين محمد جرار، الذي أشار إلى تراجعٍ واضح في جهود الإغاثة مقارنة بالأيام الأولى من الأزمة.

في حديث خاص لـ "الترا فلسطين"، أوضح محمد أبو الرب، مدير مركز الاتصال الحكومي، أن الحكومة تعتمد ثلاثة مسارات رئيسية لمعالجة أزمة النزوح في شمال الضفة الغربية.

محمد أبو الرب

أولًا: دعم الإيجارات وتوفير مساكن مؤقتة

وأوضح أبو الرب أنّ الحكومة تعتمد في هذا المسار على دفع بدل إيجار لمئات العائلات في جنين وطولكرم، عبر تحويل مخصصات مالية مباشرة إلى اللجان الشعبية والبلديات والمحافظات. مشيرًا إلى أنّ اللجنة الشعبية في جنين تستأجر شققًا في الجامعة العربية الأمريكية لإيواء عدد كبير من العائلات النازحة، بتمويل مشترك من الحكومة ووكالة الغوث.

وأضاف أنّ الحكومة وجّهت المحافظين في طولكرم وجنين لاستئجار نحو 100 منزل سريعًا، لا سيما للعائلات التي تضم مرضى مزمنين. لكن هذه الجهود تواجه تحديات، منها عزوف أصحاب العقارات عن التأجير، وارتفاع الأسعار، والشروط التعجيزية مثل دفع الإيجار مقدمًا لستة أشهر، على حد قوله. 

ثانيًا: إعادة تأهيل المنازل المتضررة

المسار الثاني، الذي تعمل الحكومة من خلاله، بحسب أبو الرب، يتمثّل في إصلاح المنازل المتضررة في طولكرم والبلدة القديمة بنابلس، مع خطة مستقبلية لتوسيع البرنامج ليشمل جنين. يشمل الإصلاح حاليًا البيوت الواقعة "خارج مناطق الاشتباك"، حيث تم بالفعل ترميم مئات الوحدات السكنية، ومن المتوقع استئناف العمل بمجرد انسحاب قوات الاحتلال.  

ثالثًا: إنشاء مراكز إيواء بالبيوت المتنقلة

المسار الثالث يتمثّل في تجهيز مراكز إيواء تحتوي على بيوت متنقلة مجهّزة بالخدمات الأساسية، مثل الحمامات والمطابخ، فضلًا عن وحدات التكييف وشبكات المياه والكهرباء.  

وقد طرحت الحكومة عطاءين لإنشاء مركزي إيواء: الأول في بلدة برقين بجنين، والثاني في ضاحية اكتابا بطولكرم، لتوفير حلول مؤقتة للعائلات النازحة. وأوضح أبو الرب أن بعض البيوت المتنقلة جاهزة، بينما يُنتَج الجزء الآخر في مصانع بالخليل ونابلس وجنين.

مخيم جنين

وقال إن هذه المراكز ستُقام على أراضٍ حكومية، ولن تكون تجمّعات ضخمة، بل سيتم تصميمها وفق معايير اجتماعية تراعي خصوصية العائلات، بحيث تضم كل وحدة عددًا محدودًا من الأسر، كما تمت دراسة أراضٍ حكومية إضافيّة لتوسيع التجربة مستقبلًا، على حد قوله.

تراجع في جهود الإغاثة

أكد رئيس بلدية جنين، محمد جرار، في حديثه مع الترا فلسطين أنّ مسألة البيوت المتنقلة ومراكز الإيواء تقع ضمن اختصاص الحكومة، ممثلةً بوزارتي الحكم المحلي والأشغال العامة.  

وأوضح  أن جهود الإغاثة كانت في البداية أكثر نشاطًا، حيث عملت لجنة الطوارئ المحلية بالتعاون مع اللجنة الوزارية، إضافة إلى دعم من المجتمع المحلي ووكالة الغوث وبعض المنظمات الدولية، مثل "المطبخ العالمي"، الذي قدّم آلاف الوجبات الغذائية على مدار 70 يومًا.  

رئيس بلدية جنين، محمد جرار: كلما طالت الأزمة، تراجعت الهمم، وهذا أمر طبيعي يحدث في كل مكان

لكنّه أشار إلى أن الاستجابة الإنسانية بدأت تتراجع تدريجيًا، مؤكدًا: "كلما طالت الأزمة، تراجعت الهمم، وهذا أمر طبيعي يحدث في كل مكان. لا يمكن مقارنة الوضع اليوم ببدايته، لكن الخطورة تكمن في أن بعض النازحين بدأوا بالبحث عن مصادر دخل أو عن استقرار طويل الأمد، رغم أن مستقبلهم ما يزال ضبابيًا".

وأضاف أنّ النازحين لا يزالون في حالة تنقّل مستمر، ما يجعل من الصعب تحديد أماكن وجودهم بدقة، إلا أنّ أكثر من 60% منهم يتمركزون داخل المدينة، إمّا لدى أقاربهم أو عبر استئجار مساكن. كما أشار إلى استمرار وجود أعداد كبيرة منهم في إسكانات الجامعة العربية الأمريكية، حيث يعيش قرابة ألفي شخص في ظروف صعبة، مع اضطرار كل عائلة إلى مشاركة غرفة واحدة.  

أضرار هائلة

أوضح جرار أن حجم الدمار في جنين كان كارثيًا، إذ تعرّض المخيم للتدمير الكامل، كما لحقت المنطقة الشرقية أضرار جسيمة.

بيوت متنقلة

وأشار إلى أن 60% من البنية التحتية في المدينة تضررت، فضلًا عن تدمير أكثر من 4000 منزل بين هدم كلي وجزئي. كما سجلت البلدية تدمير 120 كيلومترًا من الطرق، و40 كيلومترًا من خطوط الصرف الصحي، وأكثر من 42 كيلومترًا من شبكات المياه، إلى جانب تدمير محال تجارية وممتلكات المواطنين، وسط عمليات نهب ممنهجة ينفذها جنود الاحتلال خلال المداهمات العسكرية.  

الاستئجار أفضل من البيوت المتنقلة

بينما تواصل الحكومة جهودها لتوفير البيوت المتنقلة كمأوى للنازحين، يرى نضال أبو ناعسة، عضو اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين، أنّ هذا الخيار ليس الحل الأمثل.

وأوضح لـ "الترا فلسطين"، أن الأهالي في حالة توهان، وغير قادرين على اتخاذ قرار واضح بشأن قبول أو رفض السكن في بيوت متنقلة. لكنّه شدد أن الحل يكمن في التخطيط الحكومي المحكم لضمان استقرارهم.  

نضال أبو ناعسة: البيوت المتنقلة لن تحل المشكلة، استئجار المنازل هو الحل الأفضل والأقل تكلفة

وأضاف: "البيوت المتنقلة لن تحل المشكلة، بل تغطية تكاليف الإيجار وتأمين مساكن مستقرة هو الحل الأفضل، حيث يحفظ كرامة النازحين أكثر من اللجوء لمساكن مؤقتة".

وأشار أبو ناعسة إلى أنّ توفير المنازل المستأجرة يعزز التماسك الاجتماعي، ويمنح العائلات بيئة طبيعية للاندماج مع السكان المحليين بدلًا من العزلة في تجمّعات مؤقتة.

وأوضح أن العدد المتبقي من النازحين في إسكانات الجامعة العربية الأمريكية وبعض التجمّعات المحدودة يمكن تأمين مساكن لهم بسهولة، خاصة وأن بعض قرى جنين لم تستقبل أعدادًا كبيرة من النازحين بعد، ما يوفّر خيارات إضافية للإيواء.

وأكد أبو ناعسة أنّ تكلفة إنتاج البيت المتنقل تتجاوز 10 آلاف دولار، إضافةً إلى نفقات تجهيز البنية التحتية، وهو ما يجعل استئجار المنازل الحل الأكثر جدوى والأقل تكلفة، خاصة في ظل الأزمة الحالية.