Bisan

"هذا هو المتوفّر".. مرضى غزة يتلقّون أدوية منتهية الصلاحية

Soruce تقارير
"هذا هو المتوفّر".. مرضى غزة يتلقّون أدوية منتهية الصلاحية
عبد الكريم السموني

عبد الكريم السموني

صحفي من قطاع غزة

في خيمة صغيرة غربيّ مدينة غزة، قضت الشابة هناء، ليلتها تحاول تهدئة طفلتها لانا (11 عامًا)، التي تعاني من نوبات ربو حادّة ازدادت سوءًا في ظل الغبار والبرد. ومع ساعات الصباح الأولى، هرعت بها إلى عيادة حكومية أقيمت تحت أنقاض مبنى مدمّر، حيث سارع الطبيب بالكشف عليها، وقرر أنّ صدرها منهك، وعليها أن تأخذ علاجًا فوريًا.

يعيش مرضى قطاع غزة على وقع أزمة دوائية غير مسبوقة، دفعت وزارة الصحة لاستخدام أدوية منتهية الصلاحية بعد إخضاعها لفحوصات فنية، وسط شكاوى من مرضى لم تتحسّن حالاتهم الصحية رغم تلقيهم هذه العلاجات

اصطفت هناء في طابور الصيدلية، على أمل الحصول على قائمة الأدوية الموصوفة، ولم تكن كل الأدوية متوفّرة. وتقول لـ "الترا فلسطين": "صرفت لي الموظفة بخاخة بيكو تايد، و4 أشرطة من علاج (24 كبسولة) يُدعى ’مونتيلوكاست Montelukast’، وهو علاج وقائيّ لمرضى الربو. وعندما دققت النظر في تاريخ أقراص العلاج، وجدت أنه منتهي الصلاحيّة منذ شهرين.

عادت هناء إلى موظّفة الصيدلية وأخبرتها بالأمر، فردّت عليها: "هذا هو المتوفِّر.. والدواء تستمر فعاليته رغم انتهاء صلاحيته". ورغم الشكوك، اضطرت الأم لإعطاء العلاج لابنتها، لكن حالتها لم تتحسّن، وحين بحثت عن الدواء في صيدليات خاصة، لم تجده.

مأزق مشابه

زهية يحيى (27 عامًا) وجدت نفسها في موقف مماثل، حين حصلت على نفس الدواء من نقطة طبيّة في شمال غزة. وقالت: "أخذت ثلاث كبسولات يوميًا بدلًا من اثنتين لأتمكن من التنفّس، ولم يكن لدي بديل".

أدوية منتهية الصلاحية في غزة: حل مؤقت أم خطر دائم؟
أدوية منتهية الصلاحية في غزة: حلٌّ مؤقت أم خطر دائم؟ (عبد الكريم السموني/ الترا فلسطين)

أما نهى الدوس، الحامل في شهرها الثالث، وتعاني من تجلطات دموية، فقد حصلت على 10 إبر فقط من نوع "كليكسان" من مستشفى ميداني، رغم توصية الطبيبة باستخدامها طوال الحمل. وحين توجهت إلى عيادة حكومية أخرى، صرفوا لها إبرًا منتهية الصلاحية منذ كانون الثاني/يناير 2025، واضطررت لاستعمالها خاصة بعد أن تلقت تطمينات من الصيدلانية المسؤولة.

وزارة الصحة: حل اضطراري

وأكد زكري أبو قمر، القائم بأعمال مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة في غزة، لـ "الترا فلسطين"، أن استخدام أدوية منتهية الصلاحية يتم فقط بعد فحصها وموافقة اللجنة الفنية، واصفًا الأمر بـ"حل اضطراري" في ظل نقص الدواء الشديد جرّاء استمرار الحرب، واشتداد الحصار على قطاع غزة.

وأوضح أن بعض الأصناف، مثل الهرمونات والأدوية عالية السمية، لا يمكن تمديد صلاحيتها. وأضاف أن الوزارة لا تصرف الدواء الذي انتهت صلاحيته، إذا كان هناك بديل متوفر له.

وبحسب أبو قمر، بلغ العجز في الأدوية 37%، في حين وصلت نسبة النقص في المستلزمات الطبية إلى 59%. وقال إنّ الرصيد من
229 صنفًا من أصل 622 صنفًا متداولًا في مستشفيات ومراكز الوزارة هو "صفر"، وأن نسبة العجز في المستلزمات الطبية وصلت إلى 59%، بعد نفاد 597 صنفًا من أصل 1006 من الأصناف المتداولة.

مرضى غزة بين الحصار وأدوية منتهية الصلاحية
مرضى غزة بين الحصار وأدوية منتهية الصلاحية (عبد الكريم السموني/ الترا فلسطين)

وأشار إلى أن خدمات الرعاية الأولية، وجراحة العظام، والقسطرة، وجراحات القلب المفتوح، وخدمة مرضى غسيل الكلى، من أكثر الخدمات تأثُّرًا بهذا النقص الحادّ. وقال إن استمرار هذا الوضع يشكل تهديدًا مباشرًا لاستمرار تقديم الخدمات العلاجية، ويعرّض حياة العديد من المرضى والجرحى للخطر.

وحذّر القائم بأعمال مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة، أهالي قطاع غزة من تناول أي دواء منتهي الصلاحية بناءً على اجتهاد شخصي، أو صرف أي صيدلية دواء منتهي الصلاحية دون رأي فني وإفادة من وزارة الصحة، لما يترتب على ذلك من مخاطر.