اعتبر خبراء قانون أنّ "القرار بقانون" الصادر عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في العدد الأخير من جريدة "الوقائع" الرسمية "بشأن ديوان الرئاسة" من شأنه أن يوسّع صلاحيات مكتب الرئيس، إلى الحدّ الذي يمتلك فيه صلاحيات الحكومة.
أصدر الرئيس محمود عباس قرارًا بقانون يوسّع صلاحيات ديوان الرئاسة، ما أثار جدلاً بين الخبراء القانونيين الذين اعتبروا أن القرار يحوّل ديوان الرئاسة إلى حكومة فعليّة ويشكّل خروجًا عن أحكام القانون الأساسي
وصدر عن الرئيس عباس قرار بقانون رقم (7) لسنة 2025 لتعديل قرار بقانون رقم (5) لسنة 2020 بشأن ديوان الرئاسة الفلسطينية. أضاف القرار الجديد مادة جديدة تحمل الرقم 2، تنص على أن للرئيس تعيين عدد كافٍ من المستشارين في مختلف المجالات، يتبعون له مباشرة، ويختصون بإبداء الرأي في المسائل التي تحال إليهم من الرئيس، ويتم تعيين المستشارين وإنهاء خدماتهم بقرار من الرئيس، وتحدد درجاتهم ورواتبهم في قرار تعيينهم.
مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، إبراهيم البرغوثي، قال إن القرار بقانون يوسّع من صلاحيات ديوان الرئاسة على نحو يكاد يملك فيه مختلف السلطات، وخاصة السلطة التشريعية والتنفيذية.
وفي تعقيب خاص بموقع "الترا فلسطين"، قال البرغوثي إن القرار بقانون حوّل ديوان الرئاسة عمليًا إلى الحكومة الفعليّة، ما يشكل خروجًا عن أحكام القانون الأساسي المتعلق بتطبيق النظام السياسي الفلسطيني، ويحوّل النظام إلى نظام رئاسي مطلق.
إبراهيم البرغوثي: القرار بقانون يحوّل ديوان الرئاسة إلى الحكومة الفعليّة، ما يشكل خروجًا عن أحكام القانون الأساسي
وأكد البرغوثي أن هذا القرار خطير ويشكل تغييرًا لوجهة النظام السياسي والقانوني، ويحوّل ديوان الرئاسة إلى مالك فعلي لكافة السلطات، سيما بعد تحويل القوانين الناظمة للسلطة القضائية، ما يجعل ديوان الرئاسة السلطة المهيمنة على كافة مناحي الحياة الفلسطينية.
وأضاف البرغوثي أنّ على الحكومة أن تقف أمام هذا القرار بقانون بإمعان، ويجب أن يكون لها موقف واضح، وكيف ترى نفسها في ظل تقليص صلاحياتها الواردة في القانون الأساسي، ما يحوّلها إلى دائرة من دوائر ديوان الرئاسة وليس الحكومة.
وأوضح البرغوثي أن عملية توسعة صلاحيات ديوان الرئاسة بدأت بإصدار القرار بقانون رقم (5) في عام 2020، ومنذ ذلك التاريخ بدأ التوجه نحو إتباع السلطات ووضعها في يد ديوان الرئاسة. الجديد في هذا القرار بقانون هو توسيع الصلاحيات وتحديد مهام المستشارين ونوعياتهم بناءً على ما يراه الرئيس.
بدوره، أفاد النائب السابق لرئيس المجلس التشريعي حسين خريشة أن هذه القوانين والمراسيم التي تصدر لا مبرر لها، وغياب المجلس التشريعي يفتح المجال لكل شخص في الاجتهاد في إصدار القوانين والمراسيم الرئاسية، ما يعطي صلاحيات أكبر من التي نص عليها القانون الأساسي، وهذا أمر طبيعي في ظل هذه الفوضى التي نعيشها.
وردًا على توسعة صلاحيات ديوان الرئاسة على حساب الحكومة، قال خريشة لـ "الترا فلسطين"، إنه منذ اليوم الأول طالما أن هذه الحكومة لم تعرض على المجلس التشريعي ولم تنل الثقة، تبقى حكومة الرئيس واختيار الرئيس، وبالتالي في ظل غياب المؤسسات المنتخبة كل شيء يصبح جائزًا في هذه المرحلة، ونعيش حالة من الفوضى.
حسن خريشة: غياب المجلس التشريعي يفتح المجال لكل شخص بالاجتهاد في إصدار القوانين والمراسيم الرئاسية، ما يعطي صلاحيات أكبر من التي نص عليها القانون الأساسي
وأضاف أن مجلس الوزراء موجود شكلًا وصورة، وهذه المراسيم التي تصدر مجرد تعبير عن أن من يُصدرها موجود، في حين أن الأصل ألا يتم ذلك إلا من مجلس تشريعي، أو جسم منتخب يتحدث حول الحالة العامة الفلسطينية، ويراقب الأداء، لأنه لا يوجد حتى اللحظة جسم رقابي منتخب يراقب أداء الحكومة أو مكتب الرئيس.
وفي موقف له من إصدار سلسلة من القرارات بقانون الأخيرة، قال الائتلاف من أجل النزاهة والمسائلة "أمان"، إنه لا يرى ضرورة تتطلب إصدار قرارات بقانون في هذه المرحلة، ولا يرى مبررًا لمنح مسؤولي المؤسسات العامة في الدولة درجة وزير بهذا الشكل الاسترضائي لكسب الولاءات. ويرى أن الظروف الحالية تتطلب انسجام القرارات العامة مع متطلبات تعزيز الإصلاحات الإدارية والهيكلية، وجسر الهوة لإعادة بناء الثقة بين المواطنين وبين السلطة الفلسطينية وفقًا للمصلحة العامة.
- القرار بقانون بشأن ديوان الرئاسة