Bisan

"إسرائيل" تنقل تكتيكاتها من غزة لجنين: تهجير قسريّ وعزل مستشفى وقطع خدمات

Soruce تقارير
"إسرائيل" تنقل تكتيكاتها من غزة لجنين: تهجير قسريّ وعزل مستشفى وقطع خدمات
محمد غفري

محمد غفري

صحافي من رام الله

تحدّثت مصادر محليّة من مخيم جنين شمال الضفة الغربية عن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي نفس تكتيكات العدوان على قطاع غزة، من خلال الاستعانة بالطائرات المُسيّرة، ومطالبة الأهالي بالنّزوح، عبر مسارات محددة زعمت أنّها "آمنة".

الاحتلال الإسرائيلي ينقل تكتيكات حرب الإبادة في قطاع غزة إلى جنين، ويتعمد نفس أساليب التهجير القسري وتعطيل الخدمات وعزل مستشفى المدينة

ولليوم الثالث على التوالي، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة جنين ومخيّمها، في عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "السور الحديدي"، وأسفرت عن استشهاد 12 مواطنًا وإصابة ما لا يقل عن 40 آخرين بجراح مختلفة.

وأعلنت سلطات الاحتلال إدراج تعزيز الأمن في الضفة الغربية ضمن أهداف الحرب، ونقل قوات كبيرة من قطاع غزة إليها، ما جعل الصورة في جنين اليوم لا تختلف كثيرًا عمّا فعله الاحتلال بحقّ أهالي قطاع غزة، وما اتّبعه من تكتيكات عسكرية هناك خلال حرب الإبادة.

طفلة تنزح من مخيم جنين وبصحبتها حيوانها الأليف (وهاج بني مفلح)
طفلة تنزح من مخيم جنين وبصحبتها حيوانها الأليف (وهاج بني مفلح)

وقال شهود عيان من مخيّم جنين، لـ"الترا فلسطين"، إن قوّات الاحتلال دفعت في اليوم الأوّل بطائرات مُسيّرة إلى مخيّم جنين، وأخطرت الأهالي بمنع التجوّل، وفي اليوم الثاني أخطرت المسيّرات الأهالي بضرورة الإخلاء خلال فترة زمنيّة محدّدة، وعبر طريق مفترق العودة، الّذي وصفته بـ"الممرّ الآمن"، وأخضعت المارّين عبر الحاجز للفحص.

وأطلقت الطائرات المسيرة قنابل تحذيريّة نحو المنازل الّتي يرفض أهلها الإخلاء القسري من مخيم جنين، في الوقت الذي لا يتوفّر مأوى أو مراكز إيواء للنازحين، مع وجود عائلات نازحة في مساجد ومدارس جنين. ووفقًا لشهود العيان، فإنّ قوات الاحتلال تفتّش المنازل بشكل متدرّج، وتجبر من بقي فيها على الإخلاء، وتحرق بعضها.
 

        عرض هذا المنشور على Instagram                      

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Ultra Palestine - الترا فلسطين‎‏ (@‏‎ultrapalestine‎‏)‎‏

وأفادت مصادر صحافية تتواجد في مخيّم جنين في أحاديث لـ"الترا فلسطين"، بأن الوضع في المخيم كارثيّ، ويضطر الكثير من السّكان للنزوح خارج المخيم، وسط استمرار عمليات الدهم والتفتيش والتدمير الممنهج للبنية التحتية.

وتضيف المصادر، أنّ قوات الاحتلال المتمركزة على أطراف مخيم جنين وفي حارتي الدمج والحواشين، نشرت عناصر القناصة على المباني المرتفعة، وسط تحليق مستمر للطائرات المُسيّرة باختلاف أنواعها، وتواجد لعشر جرافات عسكرية تقوم بتدمير البنية التحتية، وتسمع بين حين وآخر أصوات انفجارات وإطلاق نار.

        عرض هذا المنشور على Instagram                      

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Ultra Palestine - الترا فلسطين‎‏ (@‏‎ultrapalestine‎‏)‎‏

شهادات من جنين: النزوح القسري والتدمير الممنهج

اللافت في هذا الاقتحام، وفق المصادر التي تحدّثت لـ "الترا فلسطين"، إقدام الاحتلال على عزل مستشفى جنين الحكومي بشكل كامل، بعد تجريف الطرق المؤدية إليه، وقطع كامل الخدمات عن مخيم جنين وبعض أحياء المدينة.

أسعد أبو عابد (57 عامًا)، سائق تاكسي من مخيم جنين، اضطر للنزوح إلى خارج المخيم والانتقال للعيش في منزل ابنته في المدينة أول يوم من الاقتحام. يقول أبو عابد، إن الوضع في مخيم جنين كارثي، وقوات الاحتلال شرعت بتفتيش المنازل وتخريب وتدمير الممتلكات فيها.

ويبيّن أنه اضطر للنزوح هو وزوجته وشقيقته وبناته وابنه المتزوج مع عائلته، في وقت كانت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، ما تزال تتمركز على مدخل المخيم، قبل أن يغادروا مع اقتراب قوات الاحتلال من المنطقة. ولفت إلى أنّ عائلته عانت طوال شهر ونصف من حصار الأجهزة الأمنية للمخيم، ومع بدء عدوان الاحتلال الجديد، اضطروا للنزوح.

الشاب أحمد الحواشين (34 عامًا) يعيش في حارة الحواشين في مخيم جنين، وكان خارج المخيم مع لحظات الاقتحام الأولى، فاضطر للتوجه مسرعًا نحو المنزل كي يكون مع عائلته، وقد نجا من الموت بأعجوبة بعد إطلاق طائرة مسيّرة قنبلة عليه عند مدخل المنزل.

وفي روايته لـ"الترا فلسطين"، يقول الحواشين إن طائرة "درون" مسيّرة اقتربت من المنزل في اليوم الأول وأبلغتهم بمنع التجول بشكل كامل، وفي اليوم الثاني حضرت طائرة مسيّرة أخرى وأبلغتهم بأوامر الإخلاء وحددت لهم طريقًا أطلقت عليه "الآمن" وذلك من 9 صباحًا حتى 5 ليلًا.

طائرة الدرون رافقتنا طوال الطريق في مخيم جنين، وكانت تسير فوقنا، وهذا النوع من المسيّرات يشبه تلك المستخدمة في قطاع غزة

عبد الله المصباح، من سكان مخيم جنين، يروي لـ"الترا فلسطين"، أنه اضطر للنزوح مع 9 من أفراد عائلته عند الساعة 4:30 وكان من آخر الأشخاص بالأمس. وأوضح أن طائرة الدرون رافقتهم طوال الطريق وكانت تسير فوقهم، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المسيّرات يشبه تلك المستخدمة في قطاع غزة، حيث تتحدث عبر السماعة وتلقي القنابل.

وبيّن أنّ الاحتلال علّق لافتات، ومنها واحدة كبيرة عند الحاجز على مفترق العودة، تحرّض على عناصر كتيبة جنين، وأنهم سبب خراب المخيم، وما يجري فيه.

وقال عبد الله المصباح: على الحاجز نقطة تفتيش يخضع كل 5 أشخاص معًا للفحص عبر بصمة العين، وبعض الشبان من يشك الجنود بهم يخضعون للتفتيش الدقيق ومن يحمل الحقائب يخضع للتفتيش أيضًا.