كل شيء ينهار أمام الطالبة سجى صبرة من مدينة غزة، فبينما تراقب كما غيرها من طلبة الثانوية العامة احتضار أحلامهم، ينتظرون أي تهدئة لإنعاشها، كقشة أخيرة تنقذهم من الغرق بمتاعب الحاضر ومجهولية المستقبل وتشق لهم الأمل.
تقول سجى وهي متشبثة بطموحها في إنهاء مرحلة الثانوية العامة من الفرع الشرعي: "أوقات كثيرة يخطر في بالي أن أترك الدراسة؛ لأن التعب صار أكبر من طاقتي على تحمله. وكلما ركزت في دراستي، تهدم مستجدات الحرب كل شيء، حتى أخبار الثانوية العامة باتت مصدرًا للضغط النفسي، خاصةً مع التأجيل المستمر للاختبارات".
الناطق باسم وزارة التربية والتعليم: حرب الإبادة حرمت 630 ألف طالب وطالبة من التعليم
وتضيف سجى لـ "الترا فلسطين": "أذهب لتلقي دروسي في إحدى النقاط التعليمية بقلب غير مطمئن. أحدث نفسي، هل الطريق آمن؟ أحيانًا أمشي والطائرات فوق رأسي لكن شغفي بالتعلم كان أقوى من خوفي". مشددةً على ضرورة إطلاق المبادرات للتعليم المجاني عبر توفير المعلمين المتطوعين وتخفيض رسوم الدروس الخصوصية، في ظل ارتفاع الأسعار بصورة تفوق قدرة الأهالي المادية، كما طالبت بتوفير الأجهزة اللوحية والإلكترونية.
أما الطالبة شهد سكر فلم تهرب طوال النزوح سوى بكتب الثانوية العامة، التي تعتبرها غنيمتها الأخيرة. وما لبثت طوال الحرب بأن تدرس وتصمم الاختبارات لنفسها على بند المتابعة الإلكترونية أملًا بالخلاص.
وتقول: "الظروف التي نعيشها لا تسمح للمرء بأن يحلم، حتى الكلمة لم يعد لها معنى بزمن المجاعة، الحرب دمرت حالنا وأحلامنا"، مشيرةً إلى أنها غادرت منزلها الواقع في المناطق الحدودية الشرقية لمدينة غزة منذ الأيام الأولى للحرب لتبدأ بعدها سلسلة رحلات النزوح.
وتراجع شهد المنهاج الآن بشكل متقطع بلا عزيمة، خاصةً وأن الظروف المحيطة لا تمنحها فرصة الدراسة، حيث تمضي نهارها مرهقة من حمل قالونات المياه وجمع الحطب. وترفض تقديم الثانوية العامة إلكترونيًا رغبةً منها في تجريب المرحلة. وتابعت: "لو اضطريت أن انتظر 5 سنوات لن أقدمه إلا وجاهيًا، لأنني أريد أن أشعر بتعب طالب التوجيهي".
فيما يمضي الطالب عبد الرحمن كراز تائهًا بين أحلامه ومحاولات تخطّي مرحلة الثانوية العامة لاستكمال دراسته العليا في مجال الصحافة والإعلام باللغة الانجليزية في بريطانيا. يقول لـ "الترا فلسطين": "لا شعور يفوق الإحساس بالخيبة وأنا أتابع طلاب العالم يحصلون على الشهادة، بينما أنا ما أزال عالقًا وغير قادر على عمل شيء".
وتابع: "الحرب أذهبت جهد 12 سنة دراسية هباءً منثورًا، ولم تُبقِ لي مسارًا ولا مقومات، خاصةً بعد قصف الاحتلال منزلي بما فيه من أحلام".
بدورة، قال صادق الخضور الناطق باسم وزارة التربية والتعليم، إن حرب الإبادة حرمت 630 ألف طالب وطالبة من التعليم، والحيلولة دون عقد امتحانات الثانوية العامة. عدا عن تعطيلها للدوام في ظل تدمير المدارس، واستشهاد آلاف الطلبة، بالإضافة إلى جرح وإعاقة آخرين في إطار الإبادة التعليمية.
وبينما ينتظر قرابة 70 ألفًا من طلبة الثانوية العامة لعامي 2006 و2007 عقد اختباراتهم، أكد الخضور أنه سيتم عقد امتحانات طلبة 2006 في النصف الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، على أن يتم الإعلان عن جدول توجيهي 2007 قبيل منتصف الشهر ذاته. لافتًا إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد نجاح الوزارة في تمكين 1500 طالب وطالبة من استكمال الدورة الثالثة لطلبة 2005.
وحول كيفية تعامل الوزارة مع المستجدات الميدانية، خاصةً وأن تقديم الاختبارات يأتي في أكثر الأوقات حساسية في ظل النزوح. أوضح الخضور: "جاهزون للتعامل مع أي مستجدات لكن بعضها خارج نطاق قدراتنا، أما تعليميًا فمستعدون لتوفير فرص إضافية للطلبة". مشيرًا إلى التحديات التي تواجه الوزارة كالنزوح المتكرر للطلبة والأوضاع الصحية والإنسانية والنفسية، إلى جانب انقطاع الإنترنت والكهرباء، ما يؤثر على عمل المدارس الافتراضية في وقت يستحيل فيه إيصال الكتب والقرطاسية.
وتابع الخضور: نواجه تحديات صعبة في ظل عدم وجود بيئة آمنة علاوة على المجاعة في القطاع، ولا يوجد ضمانات بعدم انقطاع الإنترنت والكهرباء. موضحًا أن الاختبارات ستعقد إلكترونيًا وستكون عبارة عن نموذج اختيار من متعدد عبر منصة خاصة في إطار التسهيل.
وأضاف الناطق باسم وزارة التربية والتعليم: كل ما تتبناه الوزارة الآن هو جزء من خطة بديلة على أمل انتهاء الحرب لتتمكن من تنفيذ التدخلات الواردة في إطار خطة الإنقاذ للتعليم. لافتًا إلى توفير فرص لمن التحقوا بمراكز تعليمية خارج نطاق مراكز الوزارة للتقدم لاختبارات عبر منصة wise school؛ بهدف تمكينهم من تدارك أي تأخير في مسارهم التعليمي.